ويوم حيان أخي جابر
في مجدل شيد بنيانه
يزل عنه ظفر الطائر
لا يجعل الجد الظنون الذي
جنب صوب اللجب الماطر
مثل الفراتي إذا ما طما
يقذف بالبوصي والماهر
فما بال أقوام لا يحمدون الله على هذا الفضل العظيم والمنة المضاعفة؟ وما بالهم لا يعترفون بالفضل لذويه ممن ساق الله بواسطتهم وعلى أيديهم هذا الفوز العظيم والنجاح الباهر؟ أو قد خلت قلوب من عواطف الشكر، وأقفرت نفوس من غريزة الإقرار بالفضل والاعتراف بالجميل؟ أم هي برودة الحقد والكراهية قد جمدت ينابيع الأريحة والشعور في قلوب أناس، وعصفات الضغينة والبغضاء القارة القارسة قد ثلجت أنهار الإحساس في نفوسهم، فوقف تيارها وانحبس فيضها؟
إن أس الفضل والكرم والنبل والشرف والبر والمروءة في هذه الحياة هي شكر النعمة والاعتراف بالجميل ، وإن أصل الرذائل ومصدر الخبائث، وينبوع المنكرات والمفاسد، وعنوان الضعة والخسة، وشعار اللؤم والنذالة، وعلامة الغدر والفجور هو كفران النعمة ونكران الجميل، ومن ثم ما نراه يملأ الكتب المقدسة من كثرة الحض على شكر آلاء الله ونعمائه والنهي عن جحودها ونكرانها مع شدة غنائه عز وجل عن ثناء العباد، وعدم تأذيه أو تأثره - سبحانه وتعالى - بنكرانهم وجحودهم، ولكنه علم - عز شأنه - أن الشكر مصدر الخير كله فحث عليه، وأن الكفران منبع الشر أجمع فنهى عنه.
وقد قال الحكماء: الأصل في الدنيا أنها هيكل ومعبد يقوم فيه الناس بتقديس شيء واحد ألا وهو «حضرة الرجل الفاضل المخلص الهمام»، وشكر ما يسدي إليهم من غر آلائه وجزيل نعمائه. أجل، إن هذه الدنيا لتنطوي على شيء واحد هو الجدير بحق أن يسمى الإلهي المقدس - إذ هو عنصر كل ظاهرة إلهية مقدسة في هذا الوجود - وأعني بذلك الشيء هو ما يشعر به الناس في أعماق قلوبهم من عاطفة الإجلال والإعظام نحو الأبطال الأماجد في كل زمان ومكان. فهذه الخلة القدسية الإلهية هي الدليل الباهر على سريان روح الله ورضوانه بين ظهرانينا، وعلى وجود ملكوته الأعلى فوق أديم هذه الأرض المستضعفة المنكوبة.
Shafi da ba'a sani ba