عارض ذلك الاقتراح مع أنه كان يعلم أنه لم يكن اقتراحا جادا. «بمجرد أن يكتشفوا أنني مفقود، سيكون ذلك أول مكان يزورونه. سيزورون جميع معارفي ويستجوبونهم.»
تعاونا معا بصمت ومنهجية. بعد أن امتلأت حقيبة السيارة، أغلقها بهدوء ثم قال: «سنضع سيارتي في المرأب ونوصد بابه. وسأوصد البوابة الخارجية أيضا. لن يمنع ذلك شرطة الأمن الوطني من الدخول، لكنه قد يمنعهم من اكتشاف الأمر قبل أوانه.»
بينما كان يوصد باب الكوخ، وضعت ميريام يدها على ذراعه وقالت بسرعة: «المسدس. من الأفضل ألا يعرف رولف أنه معك.»
كان ثمة نبرة إلحاح سلطوية نوعا ما في صوتها الذي وجد صداه في قلقه الغريزي. قال: «لا أنوي إعلام رولف.» «ومن الأفضل ألا تخبر جوليان أيضا. سيحاول رولف أن يأخذه منك وجوليان ستريدك أن تتخلص منه.» قال باحترام: «لن أخبر أيا منهما. وإن كانت جوليان تريد حماية نفسها وطفلها، فسيتعين عليها أن تتقبل الوسيلة. أتطمح أن تكون أتقى من ربها؟»
أخرج السيارة الرينو من البوابة بحرص وأوقفها خلف الروفر. كان رولف يجول حانقا جيئة وذهابا بجوار السيارة. «لقد تأخرتما كثيرا. هل واجهتكما أي مشاكل؟» «كلا، لقد مات جاسبر. انتحر. لقد جمعنا من المؤن بقدر ما تتسع السيارة. قد السيارة الروفر وأدخلها إلى المرأب وسأوصد بابه وكذلك البوابة الخارجية. لقد أوصدت أبواب المنزل بالفعل.»
لم يكن يوجد ما يستحق نقله من السيارة الروفر إلى الرينو عدا خرائط الطريق ونسخة ورقية من رواية «إيما»، وجدها داخل درج القفازات. دس الكتاب في جيب معطفه الداخلي الذي يحتفظ بداخله بالمسدس ودفتر يومياته. وبعد دقيقتين كانوا جميعا يجلسون داخل السيارة الرينو. جلس ثيو في مقعد السائق. وبعد برهة من التردد، جلس رولف في المقعد المجاور له، وجلست جوليان في الخلف بين ميريام ولوك. أوصد ثيو البوابة وألقى بالمفتاح من فوقها إلى الداخل. كان لا يرى من المنزل المعتم سوى انحدار سطحه العالي الأسود.
الفصل الثالث والعشرون
توقفوا مرتين في الساعة الأولى كي تتوارى ميريام وجوليان في الظلام. تبعهما رولف ببصره، وبدا عليه القلق بمجرد أن غابا عن بصره. ردا على تبرمه الواضح، قالت ميريام: «سيتعين عليك أن تعتاد الأمر؛ فذلك يحدث في أواخر الحمل بسبب الضغط على المثانة.»
في ثالث مرة توقفوا فيها، خرجوا جميعا للتمشي، بينما اتجه لوك أيضا ناحية سياج الشجيرات بعدما تمتم بعذر ما. بعد أن أطفئت أنوار السيارة وسكن محركها، بدا الصمت مطلقا. كان الهواء دافئا عذبا كما لو كانوا لا يزالون في فصل الصيف، وكانت النجوم لامعة بعيدة. خيل لثيو أنه يشم رائحة حقل فاصوليا بعيد، لكن ذلك بالطبع كان وهما؛ فأزهاره ستكون قد ذبلت وتساقطت الآن، وستكون حبوب الفاصوليا في غلافها.
جاء رولف ووقف بجواره. قال: «أنا وأنت يجب أن نتحدث.» «تحدث إذن.» «لا يمكن أن يكون لتلك الرحلة قائدان.» «أهي رحلة إذن؟ خمسة من الهاربين ليس معنا ما يكفي من العتاد ولا لدينا فكرة واضحة عن وجهتنا أو ما سنفعله عندما نصل إليها. الأمر لا يستدعي تسلسلا قياديا. لكن إن كان لقب القائد يرضيك، فلا يقلقني ذلك ما دمت لا تتوقع مني الطاعة العمياء.» «أنت لم تكن يوما واحدا منا، لم تكن يوما عضوا في جماعتنا. لقد أتيحت لك فرصة للانضمام إلينا لكنك رفضتها. أنت هنا لأني استدعيتك.» «أنا هنا لأن جوليان استدعتني. نحن عالقان معا. أستطيع أن أتحملك بما أنه ليس لدي خيار. وأقترح أن تتحمل أنت الآخر وجودي.» «أريد أن أقود.» ثم أضاف وكأنما لم يوضح مقصده: «أريد أن أتولى قيادة السيارة من الآن فصاعدا.» ضحك ثيو ضحكة عفوية غير مصطنعة. «سيعتبر الناس طفل جوليان معجزة. وسيعتبرونك والد ذلك الطفل المعجزة. آدم الجديد، أبو الجيل الجديد، ومنقذ البشرية. وسيمنحك هذا سلطة كافية لأي رجل، سلطة أعتقد أنها ستفوق قدرتك على التعامل معها. وأنت قلق من أنك لا تنال نصيبك من قيادة السيارة!»
Shafi da ba'a sani ba