93

...

البلاغة العربية

Mai Buga Littafi

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

ويزيد الصورة جمالًا تركُ جوانب فيها يُتَابعها الفكر وحده، ويستكملها الخيال بنفسه، مع إيجاد المنافذ أو الإِشارات التي يُمْكِنُ الانطلاق منها إلى هذه الجوانب المتروكة، كالرمز، والإِشارة الخفيّة، وما يستتبعه الكلام باللّزوم الذهني، وغير ذلك. ونلاحظ هذا العنصر الجمالي في قول الله تعالى في سورة (النور/ ٢٤ مصحف/ ١٠٢ نزول): ﴿والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ والله سَرِيعُ الحساب * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ﴾ [النور: ٣٩ - ٤٠] . القيعة: كالقاع وهو ما استوى من الأرض. لُجِّيّ: أي عظيم عميق. وفي قوله تعالى عقب النّص السابق بآيتين: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأبصار﴾ [النور: ٤٣] . يُزْجي: يَسُوق برفق. رُكَامًا: أي: بعضه فوق بعض. الوَدْق: المطر. سَنَا: ضَوْء. أَلَسْنا نلاحظ في هذه الأمثلة الثلاثة إتقانًا عجيبًا في إبراز دقائق الصورة، مع استيفاء العناصر اللازمة لإِبراز الحقيقة بشكل واضح وجميل، ومع ترك جوانب في الصورة يتابعها الفكر وحده، ويستكملها الخيال بنفسه.

1 / 99