ويمنع بعض ما يجبى إليه
ولكن الذي كان يحجر عليه هذه المرة هو أخوه الموفق، لانصراف المعتمد إلى لهوه وملذاته، والموفق في أيامه كان بطلا، ترك لأخيه المعتمد الخطبة والسكة والتسمي بإمرة المؤمنين، وأمسك هو بزمام الأمر والنهي، وقود العساكر، ومحاربة الأعداء؛ ومرابطة الثغور، وترتيب الوزراء والأمراء، وكبح غير قليل من جماح الأتراك.
فلما جاء المعتضد بن الموفق سار سيرة أبيه، وزاد في رفع شأن الخلافة، والأخذ على يد الأتراك بقدر ما يستطيع، قال الفخري: «كان المعتضد شهما عاقلا فاضلا، حمدت سيرته، ولي والدنيا خراب، والثغور مهملة، فقام قياما مرضيا حتى عمرت مملكته، وكثرت الأموال، وضبطت الثغور، وكان قوي السياسة شديدا على أهل الفساد، حاسما لمواد أطماع عساكره عن أذى رعيته، محسنا إلى بني عمه من آل أبي طالب.»
29
وقد كثرت الفتن والأحداث في أيامه نتيجة للفساد الذي كان قبل أيامه، فجاهد فيها ما استطاع.
وقد نظم فيه «ابن المعتز» ابن عمه قصيدة طويلة هي صورة مصغرة لنمط الملاحم كالإلياذة والشاهنامه، سدت بعض النقص في الشعر العربي في هذا النوع، بدأها بذم الأتراك وما جنوا على البلاد، ذكرنا طرفا منه فيما سبق، ثم عدد أعمال المعتضد، وما قام به من حروب وما أتى به من إصلاح. وهي تعد بجانب مزيتها الأدبية وثيقة تاريخية هامة للأحداث في عهد المعتضد.
واستبشر الشعراء بهمته، فقال ابن الرومي:
هنيئا بني العباس إن إمامكم
إمام الهدى والناس والجود أحمد
كما بأبي العباس أنشئ ملككم
Page inconnue