Zuhd et Piété

Ibn Taymiyya d. 728 AH
126

Zuhd et Piété

الزهد والورع والعبادة

Chercheur

حماد سلامة، محمد عويضة

Maison d'édition

مكتبة المنار

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧

Lieu d'édition

الأردن

Genres

Soufisme
فَهَؤُلَاءِ الَّذين بَايعُوهُ من أعظم خلق الله محبَّة لله وَرَسُوله وبذلا لنفوسهم وَأَمْوَالهمْ فِي رضَا الله وَرَسُوله على وَجه لَا يلحقهم فِيهِ أحد من هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرين قد كَانَ غَايَة مَا طلبوه بذلك الْجنَّة فَلَو كَانَ هُنَاكَ مَطْلُوب أَعلَى من ذَلِك لطلبوه وَلَكِن علمُوا أَن فِي الْجنَّة كل مَحْبُوب ومطلوب بل وَفِي الْجنَّة مَا لَا تشعر بِهِ النُّفُوس لتطلبه فَإِن الطّلب وَالْحب والارادة فرع عَن الشُّعُور والاحساس والتصور فَمَا لَا يتصوره الانسان وَلَا يسحه وَلَا يشْعر بِهِ يمْتَنع أَن يَطْلُبهُ وَيُحِبهُ ويريده فالجنة فِيهَا هَذَا وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُم مَا يشاءون فِيهَا ولدينا مزِيد وَقَالَ وفيهَا مَا تشتهيه الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين فَفِيهَا مَا يشتهون وفيهَا مزِيد على ذَلِك وَهُوَ مَا لم يبلغهُ علمهمْ ليشتهوه كَمَا قَالَ ﷺ مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر وَهَذَا بَاب وَاسع غلط من قَالَ الرِّضَا أَن لَا تسْأَل الله الْجنَّة وَلَا تستعيذه من النَّار فاذا عرفت هَذِه الْمُقدمَة فَقَوْل الْقَائِل الرِّضَا أَن لَا تسْأَل الله الْجنَّة وَلَا تستعيذه من النَّار ان أَرَادَ بذلك أَن لَا تسْأَل الله مَا هُوَ دَاخل فِي مُسَمّى الْجنَّة الشَّرْعِيَّة فَلَا تسأله النطر اليه وَلَا غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مَطْلُوب جَمِيع الْأَنْبِيَاء والأولياء وَأَنَّك لَا تستعيذ بِهِ من احتجابه عَنْك وَلَا من تعذيبك فِي النَّار فَهَذَا الْكَلَام مَعَ كَونه مُخَالفا لجَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَسَائِر الْمُؤمنِينَ فَهُوَ متناقض فِي نَفسه فَاسد فِي صَرِيح الْعُقُول وَذَلِكَ أَن الرِّضَا الَّذِي لَا يسْأَل انما لَا يسْأَله لرضاه عَن الله

1 / 136