Quintessence des Exégèses
Genres
سواه عز وجل من شبه عقد النكاح بين السماء والأرض بإنزال الماء منها عليها ، والإخراج به من بطنها أشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار رزقا لبني آدم ، ليكون ذلك معتبرا ومتسلقا إلى النظر الموصل إلى التوحيد والاعتراف ، ونعمة يتعرفونها فيقابلونها بلازم الشكر ، ويتفكرون في خلق أنفسهم وخلق ما فوقهم وتحتهم ، وأن شيئا من هذه المخلوقات كلها لا يقدر على إيجاد شيء منها ، فيتيقنوا عند ذلك أن لا بد لها من خالق ليس كمثلها ، حتى لا يجعلوا المخلوقات له أندادا ، وهم يعلمون أنها لا تقدر على نحو ما هو عليه قادر.
ولا يخفى على الذكي اللبيب المتأمل أن مضمون الآيتين هو الأمر بعبادة الله تعالى ، والنهي عن الإشراك به ، والإشارة إلى ما هو العلة والمقتضي ، وهو أنه رتب الأمر بالعبادة على صفة الربوبية إشعارا بأنها العلة لوجوبها ، ثم بين ربوبيته بأنه تعالى خالقهم وخالق أصولهم وما يحتاجون إليه في معاشهم من السماء والأرض والمطاعم والملابس ، فإن الثمرة أعم من المطعوم والملبوس ، والرزق أعم من المأكول والمشروب. ثم لما كانت هذه الأمور التي لا يقدر عليها غيره شاهدة على وحدانيته رتب تعالى عليها النهي عن الإشراك به.
( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24))
ولما قرر وحدانيته وبين الطريق الموصل إلى العلم بها ذكر عقيبه ما هو الحجة على نبوة محمد صلى الله عليه وآلهوسلم ، وهو القرآن المعجز بفصاحته التي غلبت فصاحة كل منطيق فصيح ، وأفحمت من طولب بمعارضته من كل خطيب بليغ ، مع كثرتهم
Page 86