453

( ذلك ) إشارة إلى ما ذكر ( متاع الحياة الدنيا ) أي : ما يتمتع بها الإنسان في زمان الحياة الدنيوية ( والله عنده حسن المآب ) أي : المرجع. وهو تحريض على استبدال ما عنده من اللذات الحقيقية الأبدية بالشهوات الناقصة الفانية.

( قل أأنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد (15) الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار (17))

ثم استأنف كلاما مقررا ، وتقريره : أن ثواب الله خير من مستلذات الدنيا ، فقال : ( قل أأنبئكم بخير من ذلكم ) أي : من متاع الدنيا ومستلذاتها ( للذين اتقوا عند ربهم ) اللام متعلقة ب «خير». واختص المتقين لأنهم المنتفعون به. ويجوز أن يكون خبرا لقوله : ( جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها )، أو يكون استئنافا لبيان ما هو خير ، ويرتفع بالخبر على تقدير : هو جنات ( وأزواج مطهرة ) مما يستقذر وينفر من النساء ( ورضوان من الله ). قرأ أبو بكر بضم الراء حيث كان إلا الثاني (1) من المائدة ، وهو قوله : ( رضوانه سبل السلام ) . وهما لغتان. ( والله بصير بالعباد ) أي : بأعمالهم ، فيثيب المحسن ويعاقب المسيء ، أو بأحوال الذين اتقوا ، فلذلك أعد لهم جنات.

وقد نبه بهذه الآية على مراتب نعمه ، فأدناها متاع الدنيا ، وأعلاها رضوان

Page 458