يستر عورته أو يتجمل به، فاللباس ثلاثة قد امتن الله على عباده بخلقه. وحينئذ في " ذلك خير " تأمل ويمكن كونه خيرا لأنه يحصل به الستر والحفظ عن الحر والبرد والجرح بخلافها، ويحتمل رجوعه إلى اللباس مطلقا ثم أشار بقوله " ذلك من آيات الله لعلهم يتذكرون يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوأتهما إنه يريكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " إلى أن إنزال اللباس من آيات الله ليتذكر الانسان ويتعظ، وأوصى إلى بني آدم أن لا يمتحنه الشيطان ويبتليه ببلية، بأن يوقعه في ذنب يوجب دخوله النار وينزع لباسه ويبدو عورته، كما فعل بأبويه، وأنه يراهم وهم لا يرونه، فالحذر كل الحذر منه، ولا بد من عدم الغفلة، وقال إن الشيطان (1) هو [وقبيله] ظ أولياء الذين لا يؤمنون فلا يجوز للمؤمن أن يأخذه وليا.
" وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها " كأن المراد بالفاحشة الذنب الفاحش قال القاضي: فعلة متناهية في القبح والفحش، كعبادة الصنم وكشف العورة إذا فعلوها يعتذرون باتباع الآباء وأن الله أمرهم بها فرده الله تعالى بأن قال " قل إن الله لا يأمر بالفحشاء " أي الله لا يأمر بالفحش والقبح فإنه قبيح ومنهي عنه، كأنه ترك الأول لظهور قبحة وعدم صلاحيته للعذر (2) ومثله في القرآن كثير، ففيه دلالة على عدم جواز التقليد، وأن الله لا يأمر بالقبح، وأنه قبيح، وأنه لا يفعل القبيح، وأن الفعل في نفسه قبيح، من غير أمر الشارع، وأمثالها كثيرة في القرآن العزيز مثل " إن الله يأمر بالعدل و الاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر (3) " فقول الأشعري إن الحسن محض قول الشارع افعل، والقبح قوله لا تفعل: باطل، وهو واضح.
وأكد نفي صدور القبح عن الله تعالى بقوله " أتقولون على الله ما لا تعلمون
Page 71