فعل مقدر، والتقدير واجعل أو تجعل ذريتي أو بعض ذريتي إماما أيضا على طريق السؤال، ويحتمل [كون] العطف على محذوف والتقدير واجعلني إماما واجعل بعض ذريتي أيضا كذلك.
وأما عطفه على الكاف في " جاعلك " كما قاله صاحب الكشاف والقاضي البيضاوي فمما لا أعرف له وجه صحة لأنه حينئذ يصير بعض الذرية مفعولا أو لا للجعل الذي أخبر الله تعالى بفعله، فيكون من تتمة قوله، فيلزم أن يكون ذلك البعض أيضا إماما مخبرا بجعله كذلك مع أنه من كلام إبراهيم وسؤاله الإمامة فكأن مقصودهما أنه يسأل الله تعالى أن يجعل البعض أيضا مفعولا الجعل مثله، كما قلناه، والعبارة وقعت قاصرة عنه، ومفيدة لغيره كما ترى.
وقد قال صاحب الكشاف مثله في قوله تعالى بعد هذه الآية " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار " فإنه قال " ومن كفر " عطف على " من آمن " كما عطف ومن ذريتي على الكاف في " جاعلك " فزادنا الحيرة و " لا ينال " فعل فاعله عهدي والظالمين مفعوله، ولا شك أنه أولى من العكس كما قرئ على ما نقل (1) إذ إسناد النيل إلى العهد أولى فإنه النائل، لا أنهم يصلون إليه وينالونه، وأن صح ذلك أيضا لأنه من الجانبين.
ثم اعلم أن صاحب الكشاف استدل بهذه الآية على اعتبار العدالة في الإمام حيث قال: وقالوا في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته، ولا تجب طاعته، ولا يقبل خبره، ولا يقدم للصلاة انتهى فيفهم منه المبالغة في ذلك الاشتراط، ونقل عن أبي حنيفة أيضا ما يدل عليه، حيث قال: كان يعني أبا حنيفة يقول في المنصور وأشياعه لو أرادوا بناء مسجد وأرادوني على عد أجره لما فعلت، وعن ابن عيينة لا يكون الظالم إماما قط وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنما هو لكف الظلمة، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر " من استرعى الدئب ظلم " انتهى. أيضا
Page 45