Zir Salim Abu Layla Muhalhal
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
Genres
بما يرجح افتراضنا في أن تسمية المهلهل ترجع إلى جذوره القحطانية بأكثر من انتمائها لعرب الشمال العدنانيين، ذلك إذا ما تذكرنا انتسابه المتكرر - على طول السيرة - لقبائل بني عامر الهلالية بفلسطين، والتي ترجع بنسبها إلى عامر بن «مزيقيا» بن سبأ وبيتها بموطن الزير ذاته بئر سبع أو بيت شبأ
Sheba
سبأ.
وعامر الذي تسمى ب «مزيقيا» أو الممزق مرادف المهلهل؛ لأنه كان يطالب قومه موسميا بتمزيق وهتك هلهلة عرشه أو ملابسه وحلل عرشه بما يقرب بنا من المهلهل وزهده الذي سنتعرفه أكثر من انقضاء سيرته هذه.
فالزير سالم وأخوه كليب كلاهما كلبي حميري قحطاني يمني المنشأ، أو من أصول يمنية، استوطنت فلسطين والشام بعامة منذ ما قبل الألف الثانية قبل الميلاد.
والأمر هنا لا يبعد بنا كثيرا عما يورده النسابة الكلاسيكيون العرب في احتفاظهم وتأريخهم الأسطوري في أن قحطان - أبو العرب السبئيين الجنوبيين اليمنيين والعاربة أيضا أو البائدة - وابنه يعرب ابن قحطان - وأول من تكلم العربية - من نسله جاء سبأ أو ملوك سبأ، وكان رأسهم الملك عبد شمس بن سبأ الذي سمي سبأ؛ لأنه كان يسبي أعداءه. ومن نسل سبأ انحدر كل من ملوك حمير وكهلان.
فمن حمير انحدر الكلبيون، أما من الفرع الثاني «كهلان» فقد انحدرت سبعة بطون تضخموا إلى قبائل وحضارات كبيرة مع التوالي التاريخي وهم: طيء، ومذحج، وهمدان بالعراق، وكندة، ومراد وأنمار، والأزد أو الأسديين. فمن الأزد انحدر الغساسنة ملوك الشام عقب خراب سد مأرب، وكذلك انحدر منهم قبيلتا: الأوس والخزرج ملوك يثرب، ومنهم أيضا انحدرت قبائل خزاعة سدنة أو كهنة الكعبة فيما قبل الإسلام.
ولعل عودتي هنا إلى الغوص في بطون معضلات الأنساب هذه مرجعها أنها ستصادفنا فيما سيجد علينا من أحداث هذه السيرة المتناهية الأهمية، والتي تخالط فيها البنية القرابية القبائلية للأنساب من عائلات وفروعها بناء آخر موازيا، وله ذات الأهمية في علاقة جدلية وثقى مع سابقه، ذلك هو البناء العقائدي الطوطمي لهذه القبائل المتحالفة والمتحاربة عبر مسرح صراع بؤرته أرض فلسطين العربية، كما يتضح أطرافه هنا أقصى جنوب الجزيرة عدن وحضرموت، بالإضافة إلى مكة والحجاز والشام والعراق.
بل إن هذه القبائل هي ما ستطالعنا بأسمائها ومحال إقامتها أو أوطانها فيما سيجد علينا من أحداث سيرتنا هذه التي توقفنا في سردها عند قدوم الأمير شيبون، الابن الثاني لصديق الزير وصفيه همام، العائد بفرسانه من إحدى غزواته لبلاد الروم؛ لينتقم لقبيلته وأخيه شيبان من خاله الزير سالم، وإهانته للزير: «ما يقني الحمير إلا الحمير.»
وما يجق علينا ملاحظته هو امتهان «شيبون» لآلهة ذلك التحالف الطوطمي الحميري المنتسب إلى طوطمها مثلما انتسبت قبائل الكورنثيين إلى البقرة،
Page inconnue