واضطر زيتون إلى الضحك. كانت دائما تفوز عليه في المناقشة.
وقال: «سأتصل بك فيما بعد.»
اتجه زيتون إلى الضفة الغربية ليلقي نظرة على الحمام البرتقالي. كان يحاول أن يجد بعض التسرية في تغير أذواق عملائه، بحسبان ذلك جزءا من عمله، فلو أنه غضب كلما غير أحدهم رأيه ما كتب له البقاء قط! وكانت محصلة ذلك توافر التسرية في كل يوم. كان عمله يعتمد اعتمادا كبيرا على الأذواق الشخصية للأفراد، والذوق بطبيعته مسألة ذاتية، فإذا أضفت إلى ذلك بعض المتغيرات مثل عامل الضوء والستائر والسجاجيد، كان من المحتوم أن تشهد إعادة التقييم، وأداء العمل مرة أخرى.
ومع ذلك فإن أغرب الطلبات كانت كثيرا ما تصدر عن أشخاص يبدون أسوياء إلى أقصى حد. كانت من بين العملاء فاتنة من الجنوب في الستينيات، وكانت قد اتصلت بشركة زيتون للطلاء، وكانت سعيدة بمحادثة كاثي، التي تتحدث بأسلوب الدردشة ولهجة مألوفة، ولكن عندما وصل العمال ليبدءوا طلاء واجهات المنزل، عادت المرأة إلى الاتصال فورا بكاثي.
قالت: «لا أحب هؤلاء الرجال!»
وسألتها كاثي: «ما عيبهم؟»
وقالت المرأة: «بشرتهم سمراء. لا أريد إلا رجالا ذوي بشرة بيضاء للعمل في منزلي.» وقالت ذلك بلهجة من يختار نوعا من التوابل للسلطة.
وضحكت كاثي: «ذوي بشرة بيضاء؟ آسفة! لقد نفد رصيدنا للتو من هؤلاء!»
وأقنعت المرأة أن الرجال الذين أرسلتهم - وكانوا كلهم من أمريكا اللاتينية في هذه الحال - يجيدون حرفتهم على خير وجه، وأنهم سيقومون بالمهمة خير قيام. ولم تعترض المرأة، لكنها عادت للاتصال بالتليفون: «هذا أقصر من أن يصبح عامل طلاء.» وكانت تشير بذلك إلى عامل يدعي هكتور ويزيد طوله على 180سم. ولما أدركت فاتنة الجنوب أنها لن تستطيع مهما اشتكت أن تستبدل بهؤلاء العمال عمالا أطول من ذوي البشرة البيضاء، قنعت بمراقبتهم، والتأكد من جودة أدائهم بين الحين والآخر.
وبطبيعة الحال، كثيرا ما كان يحدث أن يتوقف طالبو العمل عند اسم زيتون. كانوا يتصلون لمعرفة التكاليف ثم يسألون كاثي: «زيتون ؟! من أين أتى هذا الاسم؟ ما وطنه؟» وكانت كاثي تقول: «إنه سوري.» وبعد ذلك تمر فترة صمت طويلة أو فترة قصيرة قبل أن يقولوا: «هكذا؟ لا بأس! انسي الموضوع!» كان ذلك نادر الحدوث، ولكنه لم يكن نادرا إلى الحد اللازم.
Page inconnue