175

كان حين يتصور قيام زوجته بوضع أمثال تلك الخطط، مفترضة وفاته، كان قلبه يغلي غضبا. كانت تراوده أفكار حانقة عن رجال الشرطة الذين قبضوا عليه، والسجانين الذين يحبسونه هنا، والنظام الذي يسمح بهذا. كان يلوم روني، الغريب الذي أتى إلى المنزل في شارع كليبورن، ولم يكن يعرفه ولم يستطع تبرير وجوده، فربما كان وجوده سببا في إثارة الاشتباه فيهم جميعا، ربما «كان» روني مذنبا فعلا، ربما «كان» قد ارتكب فعلا جريمة ما، وأخذ يلعن حقيبة النقود التي كان ناصر يحملها. يا له من أحمق! ما كان ينبغي له أن يتنقل بمثل هذا المقدار من مكان لمكان.

كاثي، زخاري، الفتيات، قد تكبر الفتيات من دون والد يرعاهن. فلو نقل زيتون إلى سجن سري فلسوف تنقلب حياتهن رأسا على عقب؛ إذ سوف يتحولن من بنات رجل أعمال ناجح وموسر إلى بنات يتحملن عار رجل يفترض أنه العقل المدبر لخلية إرهابية كامنة.

وحتى لو خرج من السجن غدا أو في الأسبوع القادم، فلسوف يكون والد الأطفال قد دخل السجن. كانت الندوب محتومة، كيف يعيشون في خوف من وفاة والدهم ثم يكتشفون أنه أدخل السجن تحت تهديد السلاح، وأصبح سجينا، وأرغم على أن يعيش مثل الفأر؟

وأطبق بيديه على جنبه، ضاغطا على مصدر الألم، محاولا السيطرة عليه.

الجمعة 16 من سبتمبر

أبلغ السجناء بأنهم سوف يسمح لهم بعد الغداء بالخروج من الزنزانات، ولم يكن زيتون قد شاهد الشمس أسبوعا كاملا.

وخلال الساعة التي سمح لهم فيها بالتنزه في الفناء حاول زيتون ممارسة رياضة الهرولة، ولكنه كان يشعر بدوار، فاكتفى بالمشي حول الفناء، وكان يصغي عرضا لقصص متوالية تعبر عن الحيرة والبلبلة.

قابل رجلا قال إنه كان ينقل قطع الأثاث داخل منزله بعد انقضاض العاصفة مباشرة، ولمحه رجال الشرطة واقتحموا المنزل، وعندما أوضح لهم براءته ضربوه وخرجوا، وبعد أيام أتى إلى محطة كلاب السباق لتقديم شكوى، فقبضوا عليه وأرسلوه إلى سجن هنت.

لم تكن هذه قصة تفوق في طابعها العبثي قصة ميرلين ماتين. كان أحد السجناء قد شاهد قصتها في التليفزيون، وكانت محتجزة في المبنى المجاور، في سجن هنت للنساء.

كانت ماتين في الثالثة والسبعين من عمرها، وتعاني من مرض السكر، وتشغل وظيفة شماسة في كنيسة رسالة البعث المعمدانية. كانت قبل العاصفة قد نزلت مع زوجها الذي كان في الثمانين من عمره في فندق بوسط البلد، واثقين بأنهما سيكونان هناك وسط غيرهم من المقيمين والضيوف، وأنهما سوف يجدان العون إذا احتاجا إليه، وأن المكان أسلم لأنه مبني فوق ربوة، وصلا إلى الفندق في سيارتهما ودفعا أجرة الغرفة ببطاقة الائتمان.

Page inconnue