ورد أحمد: «لا بد أن تفزع! فالعاصفة هذه المرة خطر حقيقي!»
وعلى الرغم من تشكك زيتون فقد أصغى بانتباه. كان أحمد ربان سفينة، وظل يقوم بهذا العمل على امتداد السنوات الثلاثين الماضية؛ إذ يتولى قيادة ناقلات البترول وسفن الركاب في كل بحر أو محيط، وكانت لديه معرفة وثيقة بالعواصف، وباتجاهاتها وقوتها. وكان زيتون في صباه قد صحبه في عدد من هذه الرحلات؛ إذ إن أحمد الذي يكبر زيتون بتسع سنوات قد ألحقه بالعمل في طاقم البحارة، فصحبه إلى اليونان ولبنان وجنوب أفريقيا، كما كان زيتون قد مارس العمل بالسفن من دون اصطحاب أحمد أيضا، فشاهد معظم بلدان العالم، مولعا بالتجوال، على مدى سنوات عشر، انتهت به إلى مدينة نيو أورلينز آخر الأمر وحياته مع كاثي.
وطقطق أحمد لسانه قائلا: «إنها تبدو حقا غير عادية، فهي ضخمة وتتحرك ببطء، وأنا أراقبها الآن على القمر الصناعي.»
وكان لأحمد غرام مشبوب بالتكنولوجيا، وكان يولي أحوال الجو اهتماما وثيقا، وخصوصا العواصف الناشئة، سواء في وقت فراغه أو في أثناء عمله. وكان آنذاك في منزله بمدينة مالقة، تلك المدينة الساحلية على الشاطئ الإسباني للبحر المتوسط، جالسا في مكتبه الغاص بالمعدات، يتابع مسير العاصفة عبر ولاية فلوريدا.
وتساءل أحمد: «هل بدءوا إجلاء السكان؟»
وقال زيتون: «لم يبدأ ذلك رسميا، ولكن البعض يرحلون.» «وكاثي والأطفال؟»
وأخبره زيتون بأنهم لم يفكروا في الأمر بعد.
وتأوه أحمد قائلا: «لم لا ترحلون ولو طلبا للسلامة وحسب؟»
وأصدر زيتون صوتا في التليفون لا يفصح عن القطع بشيء.
فقال أحمد: «سأطلبك في وقت لاحق.»
Page inconnue