وخرج متنبئ من ناحية صغانيان من ولاية باسند 136، واتجه إلى در آهنين (باب الحديد)، وكان يدعى المهدى، ادعى النبوة وجهر بالدعوة فى سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة، وقصده كثير من الناس والتفوا حوله، وكانت له حمائل فى سيفه، وكان يحارب كل من يخالفه، وكان محتالا يعرف الكثير من أنواع السحر، فمثلا: كان يضع يده فى حوض ملأه بالماء فتمتلئ يده من الحوض بالدينارات؛ ويأكل فوق مائدته أقوام كثيرة فلا تنقص مطلقا، ويرتوى الكثير من ماء كوبه ولا يفرغ هذا الكوب، وكان يعطى كل واحد من خاصته تمرة (واحدة) كانت تكفيه، وحينما انتشر هذا الخبر فى الأرجاء قصده قوم كثير من عامة الجهال، ووصلت الرسائل إلى أبى على الصاغانى من بخارى (تقول): أدرك أمر المتنبئ.
وأرسل أبو على أبا طلحة جعفر بن مردان شاه، وكان المهدى فى قرية وردى، وقد تحصن بالجبل، ودارت رحى الحرب، وأخرجوه من الجبل، وقطعوا رأسه، وأرسلها أبو طلحة إلى أبى على فى لفافة، وكان أبو على بشومان، وأمر بأن يرى تلك الرأس كل المحيطين به، ثم أرسلها إلى بخارى.
وظل أبو المظفر فى بخارى حتى ركب ذات يوم جوادا فجمح به وطرحه أرضا، فوقعت رأسه على حجر فخرج مخه ومات، فاغتم الأمير حميد غما شديدا، وأمر فكفنوه بكفن عظيم وأرسل تابوته إلى صغانيان، وأرسل نصر شرابدار 137 لعزاء أبى على.
Page 221