Le temps en philosophie et en science
الزمان في الفلسفة والعلم
Genres
فكان أن حدثت كارثة الأثير، بتجربة ميكلسون/مورلي التي أثبتت أن الأثير لا وجود له البتة. والأثير هو وسط لا نهائي المرونة، افترضه العلماء ليملأ الفراغات فيفسروا بقية الظواهر - كالضوء والإشعاع - تفسيرا ميكانيكيا، فلما انهار الأثير انهارت الآلة الميكانيكية الضخمة؛ أي: التصور الكلاسيكي للكون. فجاء آينشتاين ليضع نظرية تؤدي مهام نظرية نيوتن بصورة أكفأ، فتضع قوانين أدق للحركة، وتنطبق على العالمين الميكروكوزم والماكروكوزم. هذا شريطة التخلي عن التصور الميكانيكي، والتسليم بمصادرتين؛ هما: استبعاد فرض الأثير، وثبات سرعة الضوء بصورة مطلقة. فهي الشيء الوحيد المطلق في الكون النسبي.
جعلت النسبية الزمان بعدا رابعا للأبعاد الثلاثة التي لم يخطر ببال الفيزياء الكلاسيكية سواها: الطول، والعرض، والارتفاع. فحل متصل الفضاء الزماني-المكاني الرباعي الأبعاد محل الأثير. «ويعد العالم الفيزيائي مينكوفسكي
Minkowisky
من رواد معالجة العالم ذي الأبعاد الأربعة. وأوضح كيف يمكن تطويق المطلق بالعود إلى أصله الرباعي وأن نبحثه بعمق أكثر.»
22
وقد نقض آينشتاين المطلق النيوتوني، في أول صياغة لقانون النسبية عام 1905، حين أعلن أن الطبيعة تجعل من المستحيل تعيين الحركة المطلقة عن طريق أية تجربة مهما كانت. والحق أن نيوتن نفسه قد أعرب عن استحالة تعيين الحركة المطلقة والسكون المطلق، فظلا في الواقع نسبيين - أي: بالنسبة للأرض التي تتحرك بالنسبة للشمس المطلقة. وفي هذا ألمعية فذة منه، ولكنه في النهاية لم يضع النسبية في اعتباره وأقام نظريته على الأساس المطلق كما رأينا، بينما عجز العلم عن إيجاد الجسم الذي افترضه نيوتن في حالة سكون مطلق، أو بالأصح أثبت استحالة وجوده، فالقمر متحرك بالنسبة للأرض، والأرض متحركة بالنسبة للشمس والمجموعات الكونية الأخرى متحركة، والكون كله في حركة دائبة؛
23
لذلك فالنسبية تعلم أنه لا يوجد في الكون كله مقياس معياري للطول أو الكتلة أو الزمان؛ لأنه سوف يتضمن الثبوت في مكان معين، وهذا شيء لا وجود له، والزمان الذي تحدده حركة الأجرام السماوية، وبعدها المتغير عنا نسبي غير منتظم، ولا يجري في جميع أنحاء الكون بالتساوي، فأين هو الزمان المطلق الذي تحدث عنه نيوتن؟
الواقع أن الزمان المطلق لا وجود له إلا في ذهن نيوتن وأشياعه. وأدى التحليل العلمي للزمان مع النسبية إلى تفسير له يختلف كل الاختلاف، فهو يطول أو يقصر حسب أمرين؛ الأول: هو السرعة، فيتباطأ الزمن كلما زادت السرعة. والأمر الثاني: هو الكتلة، وهذا ما بحثه آينشتاين في النسبية العامة على أساس أن الزمان يسير ببطء عند الكتل الكبيرة، فضلا عن أن الكتلة ليست ثابتة إنما تزيد بزيادة السرعة بمقدار محدد تبعا للقانون الثاني في النسبية الخاصة.
إن النظرية النسبية نسبية لأنها تدخل الذات العارفة كمتغير في معادلة الطبيعة؛ إذ تجعل موقع الراصد وسرعته معينات أساسية، والقائمون بالملاحظة الذين يتأملون السماء من كواكب مختلفة سوف يدرك كل منهم سماء مختلفة، كذلك يتحكم تأثير المكان في ساعاتهم بمعنى أجهزتهم للرصد، بحيث إن الوقت الذي يقرؤه كل منهم يختلف في اللحظة الواحدة، بل وإن كلا منهم يقدر مرور الزمن تبعا لسرعة مختلفة، قد يكون مكان الملاحظ بالنسبة لنا هو الأرض في كل الأحوال، لكن الملاحظ المرتبط بالأرض لا يستطيع أن يجري نفس الأقيسة الفلكية التي يجريها بكوكب آخر، والنسبية تدرس كيف تؤثر حركتا هذين الملاحظين النسبية في ملاحظاتهما، ولم يكن هذا طريقة لا ذاتية فحسب، بل ولتحرز درجة هائلة من الموضوعية المدهشة، لكن غير المطلقة.
Page inconnue