Le temps en philosophie et en science
الزمان في الفلسفة والعلم
Genres
11
وقد انتبه نيوتن العملاق إلى أن الجسم الذي يتحرك بسرعة ثابتة في خط مستقيم من سطح الأرض، يصف مسارا شديد التعقيد وبسرعات مختلفة، وكذلك الأمر إذا أخذنا الشمس في الاعتبار، فمن العبث إذن وضع مبدأ القصور الذاتي في صورته المطروحة، ما لم نحدد معيارنا لاستقامة الحركة، ومعيارنا لاطرادها؛ أي اطراد سرعتها أو تساوي فتراتها الزمانية. «وقد واجه نيوتن هذه الصعوبة عن طريق التسليم بكيانين واتخاذهما مصادرة؛ هما: المكان المطلق، والزمان المطلق.»
12
وهو يقابل بينهما وبين المكان النسبي والزمان النسبي؛ أي المرتبط بأشياء معينة ويحسب بحركتها. وهذا الزمان النسبي يمثل المحك التجريبي المستعمل فعلا في الحياة اليومية، بل وفي إجراءات البحث العلمي، ولكن نيوتن رآه زمانا ظاهريا متغيرا، لا يصلح أساسا ثابتا للنظرية الفيزيائية، فصاغ قانون القصور الذاتي في حدود الحركات التي تصف مسافات متساوية على طول خط مستقيم في المكان المطلق، خلال فترات متساوية في الزمان المطلق.
والزمان المطلق، كما عرفه نيوتن، زمان هو في ذاته ينساب باطراد، في اتجاه واحد إلى الأمام، أو من الماضي إلى المستقبل، وبغير أي اعتبار لأي عامل خارجي، ويتدفق
Flow
بصورة ثابتة متكافئة، مستقلا عن الأحداث المتزامنة فيه، وعن إدراك الحواس أو أية ذات عارفة له. ويناظره المكان المطلق، وهو مكان في طبيعته الذاتية وبغير اعتبار لأي عامل خارجي موجود وجودا موضوعيا مستقلا عن أي ذات عارفة، ويظل دائما متماثلا، وغير قابل للحركة أو التغير،
13
ويمثل الزمان المطلق - مع المكان المطلق - أساسا نظريا صلبا صلدا وثابتا للعلم الفيزيائي، فهما تصوران معياريان، غير مشتقين من الخبرة بل سابقين على كل تجربة، ويشكلان مقياسا ثابتا ومحكا نهائيا، وترتيب الأحداث تبعا للزمان المطلق، إلى سابق ولاحق ومتآن، يغدو ترتيبا مطلقا ثابتا لا يتغير، مهما كانت المسافة بين الأحداث أو موقع رصدها وملاحظتها أو السرعة الحركية ... إلخ.
لقد اكتملت في كتاب نيوتن المذكور الصورة العامة لهذا الكون، بفضل الزمان والمكان المطلقين كخلفية مطلقة تتحرك فيها كل كتل المادة أو الأجسام، بنوعين من الحركة: مطلقة ونسبية، الحركة المطلقة هي انتقال الجسم من موضع إلى آخر في المكان المطلق، أما النسبية فهي تغير موضع جسم ما بالنسبة لجسم آخر، ويقابلها السكون الطلق والسكون النسبي؛ أي بقاء الجسم في موضعه من المكان المطلق، أو في موضعه بالنسبة لجسم آخر، وانتظمت الكتل والأجسام في كل متكامل؛ ليتشكل هذا الكون على هيئة آلة ميكانيكية ضخمة تحكمها الحتمية
Page inconnue