Le temps en philosophie et en science
الزمان في الفلسفة والعلم
Genres
وحين نأخذ في الاعتبار الزاوية الدينية لإشكالية الزمان، نتذكر على الفور مشكلة شغلت الفلاسفة كثيرا، وهي: هل للزمان بداية؟ ويمكن اعتبار أن هيراقليطس هو الذي أثارها، حين أنكر أن يكون للوجود بداية، فهو نار أزلية أبدية خالدة تتوهج بحساب وتخبو بحساب.
وقد أكد أفلاطون أن الزمان له بداية، على حين أنكر أرسطو هذا؛ لتظل الإجابتان تتنازعان وتتجادلان. وقد يبدو أن هذا سينتهي بظهور الأديان السماوية التي تقول إن الله خلق العالم من العدم. فهذا يعني أنه في لحظة ما من لحظات الزمان قد جلبه الله إلى الوجود؛ ليظل العالم في كل آن من آنات الزمان معتمدا على الله. ولكن التساؤل لم ينته، وظل الكندي والفارابي وابن سينا منشغلين به، مستأنفين مناقشات الإغريق ومواجهين مشكلات آباء الكنيسة نفسها. وقد رفض الكندي أن يكون الزمان لا متناهيا؛ لأن المشيئة الإلهية ستخلقه وتضع له بداية محددة وقتما تشاء، وأنكر ابن سينا قول الكندي هذا لأنه تعسفي، فلا بد أن يكون لفعل الله سبب معقول ومبرر، ولا توجد لحظة ملائمة لفعله أكثر من غيرها، ومن ثم تمسك ابن سينا بأن الزمان لا متناه وبلا بداية.
والواقع أن فعل الخلق أصلا في هذا النقاش هو أمر ساذج وبدائي، فهم يتناقشون كما لو كان الله خلق العالم تماما كما يصنع الخزاف قلة،
12
وكما يقول فيلسوف الشخصانية الأرثوذكسية أو الوجودية الدينية نيقولاي بيرديائيف: «فكرة الخلق عبارة عن مجرد تناقض عقلي؛ ذلك بأن العالم لا يمكن أن يكون أبديا، كما أن أصوله لا يمكن أن تكون زمانية خالصة. وينشأ هذا التناقض عن الإحالة الموضوعية؛ إذ إننا نميل إلى تصور الخلق من وجهة نظر الموضوع ومن وجهة نظر العالم الموضوعي والزمان، أما في ضوء الوجود الداخلي، وضوء الروح، فإن كل شيء يتحول، ولا يعود الخلق معتمدا على أية مقولة للزمان؛ فالخلق أبدي.»
13
بعبارة أخرى، فإن حل هذه الإشكالية وإشكاليات أخرى جمة زمانية وغير زمانية، إنما يتأتى بالتفرقة بين مجال التفكير العقلاني وحدوده ومجال التفكير اللاعقلاني وحدوده، وبالنسبة لإشكاليتنا فإن مجال الأول هو مجال الزمان، ومجال الثاني هو مجال الأبدية. وذلك ما سوف يسفر عنه هذا الكتاب في النهاية.
المهم الآن، أننا بإزاء واحدة من نقائض
antinomies
العقل الخالص التي وضعها كانط؛ أي: القضايا التي نثبتها بنفس برهان عكسها، فتؤدي بنا إلى لجة من النقائض: «العالم له بداية في الزمان»، «العالم ليس له بداية في الزمان». والواقع أن التناقض في كلتا الحالتين يقوم على أن الزمان نفسه ليس له بداية.
Page inconnue