Le temps en philosophie et en science
الزمان في الفلسفة والعلم
Genres
ولكن إذا كان للمكان قضايا معينة انشغل بها نفر من الفلاسفة، فإن الزمان له قضايا لا أول لها ولا آخر، ولا يوجد فيلسوف ذو اعتبار لم يدل بدلوه في إشكاليات الزمان. إن الزمان هو الذي استرعى انتباه الجميع، وأثار من الدهشة - أم التفلسف - ما لم يثره سواه، وما لا يضاهي بما أثاره المكان، ولا ما أثارته أية مقولة فلسفية أخرى.
الفصل الثالث
متاهات إشكالية الزمان
وما دامت مقولة الزمان بكل هذه الحيثية وكل هذه الشمولية من ناحية، ثم الهلامية المراوغة من الناحية الأخرى، فلا بد أنها تحتمل النظر من ألف زاوية وزاوية، لنخرج بألف وجهة للنظر ووجهة، وبصورة تنذر بمتاهات لإشكالية الزمان، لا مخرج منها.
وبادئ ذي بدء نلاحظ أنه قد أثيرت مشكلة ما إذا كان الزمان أصلا حقيقة أم وهما. صحيح أن العلم بواقعيته المبدئية يسلم بالوجود الموضوعي للزمان من حيث يسلم بموضوعية الكون؛ أي بأنه موجود في حد ذاته سواء أكان ثمة ذات تدركه أم لا. فضلا عن أن الذوات جميعا تدركه بالطريقة نفسها ولكنه ليس من الضروري أن تلتزم الفلسفة كلها بهذه الواقعية؛ فالمثالية تنكر استقلال الوجود، بل تنكر حتى وجوده ذاته وترده إلى الوعي، وهي تيار فلسفي هام. وكثيرون هم الفلاسفة الذين أنكروا حقيقية الزمان، ولعل أهمهم جون ماكتاجارت
J. Mc Taggart (1866-1925)؛ وذلك لأنه استند على السمات الخاصة بالزمان، وليس على الصعوبات المحيقة به، الصعوبات الخاصة بالاتصال واللاتناهي، والتي تلاشت بالتقدم الحديث في الرياضيات البحتة وحساب اللامتناهي،
1
وكذلك لأن حجج ماكتاجارت قد صيغت في صورة استدلالات منطقية، تعتمد على أن ثمة طريقين لترتيب الأحداث في الزمن؛ فنحن يمكن أن نتحدث عنها بوصفها ماضيا، أو حاضرا، أو مستقبلا. ونحن أيضا يمكن أن نتحدث عنها بوصفها سابقة أو لاحقة أو متآنية بعضها مع بعض.
والطريقة الأولى لا يمكن أن ترد إلى الثانية، ما دامت الثانية لا تتيح مجالا لمرور الزمن. والأحداث ماض للأحداث اللاحقة لها وحاضر للمتآنية معها ومستقبل للسابقة عليها، وما حاول ماكتاجارت إثباته هو أن هذه الخصائص الثلاث غير متسقة بعضها مع بعض، ويستحيل التوفيق بينها بطريقة لا تؤدي إلى ارتداد لا نهائي أو دوران منطقي. والواقع أن ماكتاجارت قد وقع في الخطأ المتربص دائما بالمثاليين، وهو استعمال اللفظ الكلي «أحداث» كما لو كان يشير دائما إلى الكيان نفسه؛ فالأحداث لا تكون ماضية ومستقبلة في السياق نفسه وبالنسبة للأحداث نفسها، بل في سياقات مختلفة وبالنسبة لأحداث مختلفة، بصورة تؤكد في النهاية التسلسل المنطقي.
وإذا كان يعتز بأن حججه ليست حدوسا عقلانية بل منطقية للغاية، فإنه يسهل لأساطين الفلسفة المنطقية دحضها. وقد تكفل بهذا كثيرون، نذكر منهم ألفرد جوليوس آير،
Page inconnue