334

Zakat in Islam in the Light of the Quran and Sunnah

الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

Maison d'édition

مركز الدعوة والإرشاد بالقصب

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Genres

ظهر في مفهوم هذا الحديث التحذير من التنافس في الدنيا؛ لأن النبي ﷺ قال: «فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم»، قال الحافظ ابن حجر ﵀ في فوائد هذا الحديث: «وفيه أن المنافسة في الدنيا قد تجر إلى هلاك الدين» (١)؛ «لأن المال مرغوب فيه فترتاح النفس لطلبه، فتمنع منه، فتقع العداوة المقتضية للمقاتلة، المفضية إلى الهلاك» (٢).
وقوله ﷺ: «وتلهيكم كما ألهتهم»، دليل على أن الانشغال بالدنيا فتنة، قال الإمام القرطبي ﵀: «تلهيكم» أي تشغلكم عن أمور دينكم وعن الاستعداد لآخرتكم (٣)، كما قال الله ﷿: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ*حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ (٤).
وهذا يؤكد للمسلم أن التنافس في الدنيا والانشغال بها شرٌّ وخطرٌ؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض»، قيل: وما بركات الأرض؟ قال: «زهرة الدنيا»، ثم قال: «إن هذا المال خَضِرةٌ حُلوةٌ ... من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع» وفي لفظ لمسلم: «... إن هذا المال خضِرٌ حلوٌ، ونعم صاحب المسلم هو، لمن أعطى منه المسكين واليتيم، وابن السبيل»، أو كما قال رسول الله ﷺ، «وإنه من

(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ٣٦٣.
(٢) فتح الباري، ١١/ ٢٤٥.
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٧/ ١٣٣.
(٤) سورة التكاثر، الآيتان: ١ - ٢.

1 / 339