لحكمة، أي ما يمنع من الجهل وينفع وينهى عنه، والحكم والحكمة واحد. وقد قيل ذلك في قوله:) وأتيناه الحكم صبيًا (وقيل: حكمة أي عدلا يدعو إلى الخير والرشد ومحامد الأخلاق. وقيل الحكمة إصابة القول من غير نبوءة. وقيل ذلك في قوله:) اللهم علمه الحكمة. (وقيل: الحكمة العلم بالدين. وقيل: العلم بالقرآن وقيل: الخشية. وقيل: الفهم عن الله في أمره ونهيه. وهذا كله يصح في معنى قوله: الحكمة يمانية وقوله:) علمهُ الحكمةَ (لا سيما مع قوله: الفقه يمان. وقد قيل: الحكمة النبوءة. وقيل هذا في قوله:) يؤتي الحكمة من يشاء (انتهى.
وقال أبن عطية: أختلف الناس في الحكمة في هذا الآية، فقال أبن عباس: المعرفة بالقرآن فقهه وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وغريبه. وقال قتادة: الحكمة الفقه في القرآن. وقال مجاهد: الحكمة الإصابة في القول والفعل. وقال أبن زيد، وأوه زيد أبن سالم: الحكمة العقل في الدين. وقال مالك: الحكمة المعرفة بالدين والفقه فيه والإتباع له. وروى عنه أبن القاسم إنّه قال: الحكمة التفكر في أمر الله والاتباع له. وقال أيضًا: الحكمة العقل في الدين والعمل. وقال الربيع: الحكمة الخشية. ومنه قول النبي ﷺ: " رأس كل شيء خشية الله تعالى " وقال إبراهيم: الحكمة الفهم وقال الحسن: هي الورع. انتهى. وقال النووي: الحكمة فيها أقوال كثيرة مضطربة، اقتصر كل من قائليها على مقتضى صفة الحكمة. وقد صفا لنا منها إنّها عبارة العمل المتصف بالإحكام، المشتمل على المعرفة بالله تعالى، المصحوبه بنفاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحق والعمل به، والصد عن إتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك. وقد تطلق الحكمة على القرآن. وهو مشتمل على ذلك. وقد يطلق على العلم فقط، وعلى المعرفة فقط، ونحو ذلك. انتهى. وقال بعضهم: أصح ما قيل في الحكمة إنّها وضع الشيء في موضعه، أو الفهم في كتاب الله. انتهى. ورد الغزالي الحكمة إلى العقل. قال في كتاب نهذيب النفس من الأحياء أمهات الأخلاق وأصولها الأربعة: الحكمة، والشجاعة، والعفة، والعدل قال: ونعني بالحكمة حال النفس بها تدرك الصواب من الخطأ في جميع الأفعال الأختيارية. وقال الراغب: الحكمة إصابة الحق بالقول والفعل. فالحكمة من الله تعالى
1 / 26