184

Fleur des lettres et fruit des esprits

زهر الأداب وثمر الألباب - العلمية

Maison d'édition

دار الجيل

Lieu d'édition

بيروت

يغدو علىّ الخبز من خابز ... لا يقبل الرّهن ولا ينسى «١» آكل من كيسى ومن كسرتى ... حتى لقد أوجعنى ضرسى فقال: اكتب لى هذه الأبيات، فقلت: أصلحك الله! هذا لا يشبه مثلك، وإنما يروى مثل هذا الأحداث، فقال: اكتبها فالأشراف تعجبهم الملح. وقد قال أبو الدّرداء رحمه الله تعالى: إنى لأستجمّ نفسى ببعض الباطل، ليكون أقوى لها على الحقّ. [وقال ابن مسعود ﵀: القلوب تمل كما تمل الأبدان، فاطلبوا لها طرائف الحكمة] . وقال ابن الماجشون: لقد كنّا بالمدينة وإن الرجل ليحدّثنى بالحديث من الفقه فيمليه علىّ، ويذكر الخبر من الملح فأستعيده فلا يفعل، ويقول: لا أعطيك ملحى، وأهبك ظرفى وأدبى. وقال ابن الماجشون: إنى لأسمع بالكلمة المليحة ومالى إلا قميص واحد؛ فأدفعه إلى صاحبها، وأستكسى الله ﷿. وقال الزبير بن بكار «٢»: رؤى الغاضرىّ ينازع أشعب الطمع عند بعض الولاة، ويقول: أصلح الله الأمير! إنّ هذا يدخل علىّ في صناعتى، ويطلب مشاركتى في بضاعتى، وهيأته هيأة قاض، والأمير يضحك، وكانا جميعا فرسى رهان ورضيعي لبان في بيانهما؛ إلا أنّ الغاضرى [كان] لا يتخلّق بالطّمع تخلّق أشعب. وأتى الغاضرىّ يوما الحسن بن زيد فقال: جعلت فداك! إنى عصيت الله ورسوله، قال: بئس ما صنعت! وكيف ذلك؟ قال: لأن رسول الله صلى الله

1 / 202