78
منه وراء جبل قاف متصلا بالجبل فإنه البحر الأخضر، وهو من الطعم كالسم القاتل، ومن شرب منه قطرة هلك وفني لوقته. وما كان وراء الجبل بخلاء الانفصال والحيطة والشمول وجميع الموجودات فهو البحر الأسود الذي لا يعلم له طعم ولا ريح ولا يبلغه أحد بل وقع به الإخبار فعلم وانقطع عنه الآثار فكتم.
وذكر قدس سره أن في البحر المالح الذي أشار إليه في مجمع البحرين منه
79
عين الحياة، وأن الإسكندر سافر ليشرب من هذا الماء، واعتمادا على كلام أفلاطون، من شرب ماء الحياة لا يموت؛ لأن أفلاطون كان قد بلغ هذا المحل وشرب من هذا البحر. قال وهو باق إلى يومنا هذا في جبل يسمى داوند، وكان أرسطو تلميذ أفلاطون وهو أستاذ الإسكندر قد صحب الإسكندر
80
في سيره إلى مجمع البحرين، فلما وصلوا إلى أرض الظلمات سار وتبعه نفر من عسكره وأقام الباقون بمدينة تسمى ثبت برفع المثلثة والموحدة وإسكان المثناة من فوق، وهو حد ما تطلع عليه الشمس، وكان من جملة من صحب الإسكندر الخضر عليه السلام وساروا مدة لا يعلمون عددها ولا يدركون أمدها، وهم على ساحل البحر وكلما نزلوا منزلا شربوا من الماء، فلما ملوا من طول السفر أخذوا في الرجوع إلى حيث أقام العسكر وقد كانوا مروا بمجمع البحرين على طريقهم من غير أن يشعروا به فلا أقاموا عنده ولا نزلوا به لعدم العلامة، وكان الخضر عليه السلام قد ألهم
81
أن يأخذ طيرا فيذبحه ويربطه على ساقه، فكان يمشي ورجله في الماء، فلما بلغ هذا المحل انتعش الطير واضطرب عليه فأقام عنده وشرب من ذلك الماء واغتسل منه وسبح فيه، فكتمه عن الإسكندر وكتم أمره إلى أن خرج فلما نظر أرسطو إلى الخضر عليه السلام علم أنه قد فاز بذلك من دونهم، فلزم خدمته إلى أن مات، واستفاد هو والإسكندر من الخضر
82
Page inconnue