وإنما صار المد يظهر في مثل هذه الأنهار الصابة فضول الأمطار وذوب الثلج والعيون والبزوز إلى البحر في أغبابه، كغب فارس وما أشبهه؛ لأن هذه الأغباب تتشعب من بحر الحبشة؛
11
وطوله، على ما ذكر من عني بمساحة الأرض وتصويرها على مواضعها من العروض الفلكية والأطوال الفلكية، 6000 ميل وعرضه 2700 ميل، وهو تحت معدل النهار، آخذا من المشرق إلى جهة المغرب.
فدور الأشخاص العالية السيارة مع ما سامت من موضعه من الثابتة، إذا كانت السيارة في القدر من الميل على ما لا تجاوزه، فإذا خرجت عنه، كانت منه قريبة فاعلة من أوله إلى آخره في كل يوم وليلة، وهو مع ذلك في الموضع القابل للحمي، وقليل ما يعرض فيه من الزيادة، ويكون في هذه الأنهار التي يظهر فيها المد بينا كبيرا.
فأما البحر
12
الفاصل بين لوبية وأرفى، أعني بين مصر وما كان متصلا بها إلى المغرب وبين بلاد الروم وما اتصل بها إلى المغرب، فإنه صغير، إذا أضيف إلى بحر الحبشة؛ فإن الذين عنوا بمساحة الأرض إنما ذكروا أن طوله من صور وصيدا اللتين بالشام إلى أعلام هرقل التي بالأندلس ، وهي آخر عمارة الأرض المتصلة
13
بعمارتنا من جهة مغربنا، 6000 ميل، وأعرض موضع فيه 400 ميل، وهو خارج عن مدار الكواكب، فليس [ما] يعرض له من الحمي، كما يعرض لبحر الحبشة؛ فالذي يعرض له من المد قليل خفي بالإضافة إلى ما يعرض لبحر الحبشة، والذي يظهر منه في الأنهار الصواب فيه أيضا بقدر ما يستحق ذلك القدر، وإن كان فيها أبين منه في لجته.
فهذه، كان الله لك مسددا، العلل الدالة على أنواع المد والجزر، التي حددنا. وهي مأخوذة من أقاويل شتى غير واحد؛ لأن كل صناعة ذات أوائل، وأوائلها الموضحات لها خاصة بصناعة أخرى، وليس إيضاح الأشياء جميعا من جهة واحدة ولا بمعنى واحد من التثبيت.
Page inconnue