Utopie : une très brève introduction
اليوتوبية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
غير أن الكوميونية الصينية في القرن العشرين ارتبطت عادة بالكوميونية القسرية الخاصة بستينيات وسبعينيات هذا القرن؛ إذ نقلت الحكومة إبان تلك الفترة أعدادا كبيرة من الناس من قراهم إلى مستوطنات كوميونية. وهي مجتمعات مقصودة من منطلق أن الحكومة هي التي أقامتها، ولم تكن مجتمعات مقصودة من منطلق أن الأشخاص الذين كانوا فيها لم يكونوا هناك بملء إرادتهم. على نحو مؤقت، بدا أن تلك المجتمعات تحقق مقاصد الحكومة المتمثلة في تحقيق كفاءة أكبر في إنتاج الغذاء، وتوزيع السكان، واستغلال العمال (عن طريق إعطاء النساء حرية العمل بقيامهن بالطهي ورعاية الأطفال على نحو مشترك)، والقدرة على الاستفادة من العمالة من أجل تنفيذ مشروعات البنية التحتية، وتوفير إسكان ومرافق صرف صحي أفضل وما إلى ذلك، إلا أنه سريعا ما ثبت أنها أقل كفاءة بكثير من المأمول، وأقل تخطيطا بكثير مما كان ينبغي أن تكون عليه؛ ومن ثم في حين أن المجتمعات المقصودة الدينية التقليدية بدأت تظهر من جديد، فإن ذلك لم يحدث بالنسبة ل «الكوميونات الصينية».
رغم بعض الاستثناءات القليلة، كانت كل المجتمعات المقصودة الأفريقية تقريبا نتاجا لعملية الاستعمار؛ إذ كان الكوميونيون الأوروبيون يؤمنون بأن أفريقيا تعد المكان المناسب لتطبيق أفكارهم على أرض الواقع، متجاهلين إلى حد ما حقيقة أن تلك الأرض محتلة. بدأت أولى محاولات إنشاء تلك المجتمعات بمقترح لاستيطان سيراليون قدم في «خطة 1789 لإقامة مجتمع حر على ساحل أفريقيا، تحت حماية بريطانيا العظمى؛ لكنه مستقل تماما عن كل القوانين والحكومات الأوروبية.» لم يتحقق شيء من ذلك، لكن كانت هناك محاولات شتى لاستيطان العبيد السابقين من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية لسيراليون، ولم تحقق سوى نجاح محدود. ومنذ حوالي قرن مضى، اقترح تيودور هرتزكا إنشاء مجتمعه الذي أطلق عليه فريلاند في أفريقيا، وحاز على تأييد كبير في البداية. لم ينجح أي من تلك المقترحات، لكن كانت هناك تجربة ناجحة نوعا ما وضمت مقترحات يوتوبية، بوجه عام، وبعض المجتمعات المقصودة، التي تمثلت في مستوطنة ليبيريا التي كونها العبيد الأمريكيون المحررون تحت رعاية مختلف الكنائس الأمريكية، وفي بعض الأحيان، بتأييد رسمي. وقد كتبت الرواية اليوتوبية «ليبيريا، أو تجارب السيد بايتون» (1853) لدعم هذا المشروع.
لا يوجد أي تقليد كوميوني إسلامي، لكن تأسست في سبعينيات القرن العشرين بضعة مجتمعات مقصودة حضرية وريفية في الولايات المتحدة الأمريكية على يد أمريكيين من أصول أفريقية متحولين إلى الإسلام. (7) المنظور العالمي
يتضح مما سبق أن اليوتوبية ليست ظاهرة خاصة بالغرب المسيحي فقط، لكنها موجودة بصور شتى في أغلب الثقافات، إن لم يكن كلها. وشاع في هذا الإطار وجود أساطير تتحدث عن عصر يوتوبي قديم، مع وجود اختلافات حول الجوانب التي حدث إخفاق فيها، وإن كان يمكن استعادة تلك اليوتوبيا أو إعادة إنشائها أم لا. كذلك شاعت الرؤى حول الحياة الطيبة التي ينبغي تحقيقها بالجهد البشري، وكانت معتمدة على الثقافة ذات الصلة. وعقب شهرة «يوتوبيا» مور، صدرت يوتوبيات أدبية تستخدم نموذجه عبر أنحاء العالم، لكنها مجددا تعكس الأماكن عينها التي كتبت فيها. وفي الوقت نفسه، غالبا ما كانت تواجه بلدان وثقافات مختلفة مشاكل متشابهة، وأحيانا ما قدمت حلول متشابهة. وأثارت الحركات الاجتماعية، مثل النسوية والمحافظة على البيئة، أسئلة تمت الإجابة عليها بطرق متشابهة في أماكن مختلفة. ولكن أيضا قدمت أماكن مختلفة إجابات غير متشابهة على المسائل المثارة، وعكست الإجابات بوضوح الظروف المحلية.
يبدو أن المجتمعات المقصودة الدينية نشأت على نحو مستقل في أماكن عدة، وأنها عكست الظروف المحلية. نشأت المجتمعات العلمانية بعدها بفترة طويلة. واختلف بعضها حسب الظروف والعادات المحلية، في حين بدا بعضها قريب الشبه بالمجتمعات في أي مكان آخر، وتوقف ذلك على السبب وراء إقامة المجتمع.
الفصل الخامس
اليوتوبية في التقليد المسيحي
لأغلب الأديان رواية ما عن حياة أفضل كثيرا، حتى وإن كانت بعد الموت فقط، لكن اليهودية والمسيحية مشبعتان بالصور اليوتوبية. تعد المسيحية نبع اليوتوبية الغربية، واليوتوبية شاغل جوهري، إيجابيا وسلبيا، في المعتقد المسيحي الحديث. وترتبط صور الماضي اليوتوبي (جنة عدن) والمستقبل اليوتوبي (النعيم والجحيم، والمجيء الثاني للمسيح، وحكم المسيح للأرض لمدة ألف سنة بعد مجيئه الثاني) بهذا العالم والآخرة، لا بمجرد ماض يتعذر بلوغه أو مستقبل مشكوك فيه. أصبحت تلك الصور صورا لحياة أفضل (أو أسوأ)، غالبا في صورة فانتازيا، لكنها في نفس الوقت كثيرا ما تطرح أسئلة حول الأسباب التي لا تجعل هذه الحياة حياة أفضل. في العصور الوسطى، كان يبدو أن رجال الدين، لا سيما الرهبان، يعيشون حياة أفضل ممن يرعونهم، وتساءل بعض الناس عن سبب عدم إتاحة تلك الحياة الأفضل لهم. وكثيرا ما تساءل الناس عن السبب وراء أن الكنائس تبدو لهم أنها تساند الأغنياء وأصحاب السلطة في مواجهة أغلبية المؤمنين. ولما كان الأغنياء وأصحاب السلطة يتمتعون بحياة أفضل في الوقت الراهن، فلم لا يمكن لبقيتنا التمتع بها؟ (1) الإنجيل
يضم العهدان القديم والجديد صورا ورسائل كثيرة غذت نشوء وتطور اليوتوبية الغربية؛ فمن العهد القديم استفاد اليوتوبيون اللاحقون من تصوير جنة عدن والرؤى الكونية للأنبياء ومقترحات البعض منهم، ومن العهد الجديد كان لرسالة المسيح، ووصف نهاية العالم، ومعركة أرمجدون، وحكم المسيح للعالم لمدة ألف سنة في سفر رؤيا يوحنا؛ أبلغ التأثير. علاوة على ذلك، تضم الأسفار الأبوكريفية (وهي الأسفار غير المضمنة في الإنجيل) أوصافا لنهاية العالم، ومعركة أرمجدون، والحكم الألفي للمسيح التي كان لها تأثير على المفكرين المسيحيين اللاحقين. (1-1) العهد القديم
ضاعت الجنة ولا سبيل لاستعادتها. وبعد خروج آدم وحواء منها، أصبحت غير مأهولة ومحظورة على الجنس البشري حتى المجيء الثاني للمسيح، لكن جنة عدن قدمت صورة للتوحد مع الرب؛ للخلود والبراءة والأمان من الحيوانات البرية، والسلامة من تقلبات المناخ، والوفرة دون كد.
Page inconnue