ثان من الأهالي :
سأسمع خطابة كاسياس. ولنقارن بين ما يدليان به من الأسباب والعلل. (يخرج كاسياس بنفر من الأهالي، ثم يصعد بروتاس المنبر.)
ثالث من الأهالي :
لقد صعد المنبر بروتاس النبيل، أنصتوا!
بروتاس :
الزموا الرزانة والوقار واستشعروا الصبر والأناة والصمت حتى أتم خطابتي.
معشر الرومان والمواطنين والخلان، أنصتوا إلى ما أنا قائل تأييدا لخطتي ودفاعا عن قضيتي، واصمتوا لتسمعوا فتعوا، صدقوني لمنزلتي من المروءة والشرف، واحترموا شرفي ومروءتي، كيما يتسنى لكم أن تصدقوني، حكموا في أمري حصافتكم وفطنتكم ونبهوا ألبابكم واشحذوا حد ذكائكم؛ ليكون أصح لحكمكم وأعدل لقضائكم، وإن يكن بينكم صديق حميم لقيصر فله أقول: إن قيصر لم يكن أحب إليه منه إلي، ولا أعز عليه منه علي، ولا أسمى مكانة في نفسه منه في نفسي، فإذا انبرى لي مثل هذا الصديق يسألني: لماذا ثار بروتاس على قيصر؟ أجبته قائلا:
إن خروجي وثورتي لم يكن لأن محبتي لقيصر كانت أقل مما ينبغي؛ بل لأن محبتي لروما هي أكثر وأعظم، وهل كنتم تؤثرون أن يبقى قيصر وتموتون كلكم عبيدا، على أن يموت قيصر لتعيشوا أحرارا؟ إنني إذا ذكرت محبة قيصر لي بكيته ورثيته، وإذا ذكرت علاء نجمه وسمو جده
19
سررت وطربت، وإذا ذكرت جرأته وإقدامه؛ أكبرته وأجللته. ولأنني آنست منه الطمع والشراهة قتلته. فلحبه مني المدامع، ولسعده مني الغبطة، ولبسالته التمجيد، ولمطامعه القتل، فأيكم بلغ من الإسفاف والدناءة أنه يظل بالرق راضيا وللعبودية مختارا؟
Page inconnue