153

وأبى ضمير سعد أن يسكت على الخلل الواضح أمام عينيه، فاستقال بعد مقابلة عاصفة بينه وبين اللورد الحاكم بأمره، وقالت دائرة المعارف البريطانية وهي تروي القصة: «إن أدلة إدانة زغلول لم تكن كافية، ولكنها كما وقر في الأذهان كانت صحيحة في جملتها.»

أما حماسة كتشنر للدفاع عن حسين محرم باشا، فسرها معروف عند الكثيرين، وبعض ما يقال عنه إنه كان يدير له رحلات الصيد على اختلافه ويصحبه في تلك الرحلات.

ولا نعلم بين مفاخر النزاهة واستقلال الرأي مفخرة أعظم من مفخرة الرجل الذي يناضل سلطة العرش وسلطة الاحتلال دفاعا عن حقوق لا يدري بها أصحابها في خارج القطر، ولا يملكون المطالبة بها لو علموا بتلك الحقوق.

من تاريخ عباس وكتشنر1

نشرت «أخبار اليوم» بيانا عن القضية التي نظرت في أوائل أيام الحرب العالمية الأولى، وسميت يومئذ بمحاكمة «الخديو عباس الثاني»؛ لأنها كشفت عن خلل في حساب دائرة سيف الدين ودائرة صالحة هانم منسوب إلى الوصي عليها «حسين محرم باشا»، ثم قيل إن لورد كتشنر هو الذي أمر بالتحقيق والمحاكمة؛ إظهارا للغيرة «الاحتلالية» على نزاهة الحكم والإدارة.

وقد اقتبست «أخبار اليوم» بيانها الذي نشرته من أوراق مودعة بين محفوظات الزعيم الخالد «سعد زغلول» وتساءلت:

لماذا يا ترى عني سعد بحفظ هذه الوراق، مع أنه لم يكن وزيرا في أثناء المحاكمة؟

وكنا نعلم شيئا عن هذه القضية، سمعنا بعضه من سعد، وسمعنا بعضه الآخر من المعاصرين الثقات، فكتبنا موجزا مما نعلمه، وقلنا إن سعدا قد احتفظ بالأوراق؛ لأن هذه القضية كانت سبب استقالته المشرفة من وزارة الحقانية، بعد اصطدامه بالخديو عباس وباللورد كتشنر معا أثناء التحقيقات الأولية، التي أجراها على أثر مراجعاته لأعمال الدوائر والمجالس الحسبية.

سؤال مؤرخ قانوني

وصديقنا الفاضل الأستاذ «عبده حسن الزيات» المحامي، مؤرخ وقانوني، يعنيه تاريخ سعد زغلول خاصة في القضاء؛ لأنه كتب عن قضاياه التي نظرها كتابا مستقلا، يعد الآن من المراجع القانونية والتاريخية، وهو فوق ذلك معني بجلاء الحركة الوطنية على حقيقتها في جميع أطوارها، وفيما يتعلق بدعوى الاحتلال عليها، وادعائه أنه ملاذ الإصلاح والنزاهة فيها.

Page inconnue