149

فإذا كانت الملامح التي نظر إليها قداسته تقارب صورة من الصور التي اجتهد أقطاب التصوير في تخيلها، فنظرته ولا شك حجة قوية لترجيح هذه الملامح على غيرها، وتغليب الصورة المختارة عن مئات من الصور التي تخالفها.

وهذه الظاهرة - ظاهرة الرؤيا البابوية - تأتي في أوانها على الأقل ليستفيد منها المشتغلون بعرض التواريخ المقدسة على اللوحة البيضاء، أو المتسائلون عن إمكان عرضها على المسرح في الروايات التمثيلية، فإننا منذ شهرين نسمع الأسئلة الكثيرة في هذا المعنى، يسألها الخبراء الفنيون ورواد معاهد الفن والتمثيل.

سمعناهم يسألون: هل يجوز تمثيل «الشخصيات المقدسة» على اللوحة البيضاء، أو على مسارح التمثيل؟

وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة كنا نقول إن السؤال يحتاج إلى سؤال يسبقه، ونتفق فيه على رأي راجح.

فقبل سؤالنا: هل يجوز؟ ينبغي أن نسأل: هل يمكن؟ ثم ننتظر الجواب من شهود العيان وخبراء الفنون.

وعلى ذكر صورة السيد المسيح نقول إن المجموعة التي لدينا من صوره تشتمل على نحو مائة صورة، عمل في تصويرها كبار الفنانين سنوات طويلة، واختلفت نظراتهم وبيئاتهم على حسب الأمم التي نشئوا فيها، والمذاهب التي يدينون بها، والعصور التي عاشوا خلالها؛ فمنهم مجريون وروسيون، ومنهم نمسويون وألمان، ومنهم إيطاليون وإسبان، ومنهم هولنديون وفرنسيون، ومنهم إنجليز وأمريكيون معاصرون.

وإذا سئلنا أية صورة من هذه الصور تقارب النظرة التي ننظرها والشعور الذي نشعر به، فلا نستطيع أن نقول إننا نرتضي منها أكثر من صور ثلاث أو أربع بين عشرات وعشرات.

بعض المصورين يخيل إليه أنه يأخذ بالنظرة الواقعية، فيصور السيد المسيح كأنه عبراني من العبرانيين، لا يتميز من الألوف الذين ينطبع في الذهن أنهم يمثلون الملامح العبرانية.

وبعض المصورين يخيل إليه أن الصورة التي تدل على السيد المسيح لا تكون إلا مجموعة من الأشعة، تتخلق بينها الملامح الآدمية.

وبعضهم يملؤه بالحيوية الجسدية، وبعضهم يحيطه بالظلال الروحية، وكلهم لا يعطيك الصورة التي تطابق في نفسك ما توقعت وتأملت، فنقول على الأثر: نعم هكذا ينبغي أن يلوح لنا هذا الروح العظيم.

Page inconnue