فتسمية الغطاء على الرأس بين الأوربيين باسم واحد - وهو القبعة - لا يعني أنهم متفقون في زى واحد، فإن الفرق ما بين قبعة وقبعة أبعد من الفرق بين غطاء الرأس في الهند وغطاء الرأس في قطر من الأقطار الأوربية، وإذا نظرنا إلى القبعة بأشكالها وألوانها والأنسجة، أو الجلود التي تصنع منها؛ فقد يجتمع منها مائة شكل أو تزيد، ولكننا إذا حصرنا أغطية الرأس المصرية لم تختلف هذا الاختلاف، ولم يكن منها - عدا العمامة والطاقية - إلا طربوش واحد بلونه وشكله ونسيجه متشابها على جميع الرءوس.
فمسألة التوحيد في غطاء الرأس عندنا ليست بالمشكلة التي نبالغ فيها بالقياس إلى أغطية الرأس عند غيرنا.
ولكن الأوربيين يخلعون القبعة في الطريق وفي محل العمل وفي البيوت، ويحسبونها مع ذلك «غطاء للرأس» لا يزال على هذا الاعتبار كما كان قبل القرن العشرين.
أما نحن فنخلع الطربوش ولا نتخذ لنا غطاء قوميا للرأس يحل في محله، أو نتمثل به قوميين بغطائنا الخاص كما يتمثل الأوربيون «مقبعين»، سواء لبسوا القبعات أو حملوها في اليد أو تركوها في البيوت.
ولا اعتراض لنا على زي من الأزياء يقع عليه الاختيار بلا تفرقة بين الطربوش والطاقية واللبدة والعمامة، ولكن كيف يا ترى يقع هذا الاختيار؟
إننا نغتبط بحرية الفرد في ملابسه أمام قيود المجتمع التي لم يكن لها معنى في العصور الماضية .
ولكن الانتقال من تلك القيود إلى الفوضى التي تلغي وحدة المجتمع، لا تؤمن عقباه على الحياة الاجتماعية في الشئون الجدية التي تتماسك عليها بنية الأمة.
والشعائر والرموز حقيقة لا ننساها ولا نستطيع أن ننساها، فإن المجتمع الذي لا يذكرنا بوجوده وحقوقه بشيء يواجه النظر والخيال، يسهل نسيانه في غير هذه الظواهر التي نظن لأول وهلة أنها ليست ذات بال.
وقبل أن نقول ذهب الطربوش، يجب أن نتحسس جوانب رءوسنا لنعلم ماذا نضع عليها في مكان الطربوش.
المنظمة الشيطانية1
Page inconnue