مقابلة وضعية
إن حرص الأستاذ الحكيم على الأمثلة التعادلية قد أنساه أن التقابل بين الأشياء ضرورة وضعية آلية، أو أنها على أحسن تعبير ضرورة لغوية اصطلاحية!
فماذا تكون المواضع إن لم يكن فيها يمين ويسار، وأسفل وأعلى، وأمام وخلف، وأبيض وأسود، وحر وبرد، وحركة وسكون، وجمال وقبح ، وصحة ومرض، وشيء يقابله شيء في كل وضع وفي كل تعبير.
فالتقابل بين الأشياء ضرورة وضعية لا محل فيها - أكثر الأحيان - للقيم الأخلاقية والمعاني الفكرية، وإنما هي ضرورة الوجود المحدود بالنسبة إلى غيره من الموجودات، وما يكون فوق هذا يكون تحت ذاك، وما يكون على يمين سائر يكون على يسار غيره، وما يكون حسنا في وضع من الأوضاع يكون سيئا في وضع سواه.
حتى التقابل بين الفكر والشعور
ونستطرد من المتقابلات الوضعية إلى المتقابلات التي تمتزج بالمعاني والآراء، وقد ذكر منها الأستاذ توفيق متقابلين اثنين مهمين في مذهبه الفلسفي؛ وهما العقل والقلب أو الفكر والشعور.
ويرى الأستاذ توفيق أن الإيمان من عمل القلب والشعور، وأن التفكير المجرد من العاطفة يؤدي إلى الكفر والتعطيل.
والذي نراه نحن أنه لا تقابل بين الفكر والشعور، حتى في هذه المسألة التي يخطر على البال أنها مسألة فكر وشعور قبل كل شيء.
إن في العالم اليوم ملايين من الخلق لا باعث لهم على الكفر والإلحاد غير باعث الشعور بغير تفكير.
إنهم يشعرون بالكراهية والسخط ويصبون غضبهم على الكون كله؛ لينكروا فيه كل معنى ويجحدوا فيه كل جميل.
Page inconnue