وكانت ابنتي بترونيلة، الصغيرة الساذجة، تتأمل وجهه وتتبع بنظراتها حركات يديه، وكانت سحابة من الدموع تغشي عينيها.
وعندما ترك المائدة تبعناه وجلسنا حواليه تحت مظلة الدوالي.
كان يخاطبنا ونحن نصغي إليه وقلوبنا تخفق في أعماقنا كالعصافير.
فقد تكلم عن المجيء الثاني للإنسان، وعن فتح أبواب السماء، وعن الملائكة النازلين لحمل السلام والمسرة لجميع الناس، وعن الملائكة الصاعدين لحمل تشوقات الناس للرب الإله.
في تلك الدقيقة نظر إلى عيني وحدق إلى أعماق قلبي وقال: قد اخترتك أنت وأخاك، فيجب أن تذهبا معي. قد اشتغلتما وتعبتما وها أنا أريحكما. احملا نيري وتعلما مني؛ لأن قلبي ممتلئ بالسلام، وستجد فيه نفسكما موطنها وكمال حاجاتها.
وعندما قال هذا وقفت أنا وأخي أمامه وقلت له: يا معلم، سنتبعك إلى أقاصي الأرض، ولو كان حملنا ثقيلا كالجبال فإنا سنحمله في طريقنا إلى السماء، ونقبل كل هذا برضى وقناعة.
ثم قال له أخي أندراوس: يا معلم، نود أن نكون خيوطا بين يديك ونولك، فلك إذا شئت أن تحوك منا قماشا؛ لأننا نعلم أننا نكون في ثوب الكلي الرفعة.
فرفعت زوجتي رأسها، وقالت والدموع تملأ وجنتيها من شدة الفرح: مبارك أنت الآتي باسم الرب! طوبى للبطن الذي حملك والثدي الذي أرضعك!
كانت ابنتي جالسة عند قدميه تضمهما إلى صدرها.
أما حماتي التي كانت جالسة إلى عتبة الباب، فإنها لم تقل كلمة قط، ولكنها كانت تبكي بهدوء حتى امتلأ وشاحها من الدموع.
Page inconnue