Cousins .
فقد زعم بعض من كتب في هذا الموضوع وقرأت لهم أن النسل يأتي هزيلا معتل البنية والذهن، كلما اقترب الزوجان في النسب، ولنضرب مثلا لذلك صاحب كتاب أصول الحضارة في تدعيمه رأيه ببيوتات أوروبا المالكة، كما قرأت أيضا ما ينفي هذا القول ويثبت نقيضه.
ثم إنني رأيت أن نبينا محمدا - صلوات الله عليه - قد ذهب إلى تزويج بنتين من بناته من رجلين من ذوي قرباهما القريبة، فاستنتجت من ذلك أن لا غضاضة ولا مضرة في مثل هذا الزواج.
ومن هنا ترون التضارب والخبط بين علماء أوروبا وأدباء العربية القدامى في أمور هي من الأهمية بالمكان الأول؛ لأنها تتعلق بمستقبل بني الإنسان، وما يرجى لهم على هذه الأرض من ارتقاء في بنية الجسوم والعقول والأخلاق.
وعلى هذا نلتمس بين يديكم الحجة والصواب في هذه المشكلة من الناحية البيولوجية والعلمية ... وأما ونحن بصدد الزواج وما يدور حوله، فليسمح لي الأستاذ أن أستفتيه في اقتران المصريين من الأوروبيات الغربيات من الناحية البيولوجية الحديثة ...
ومسألة الزواج اليوم - وبعد الحرب الحاضرة على الخصوص - هي إحدى المسائل التي يتجدد البحث فيها، أو يعاد النظر إليها على ضوء من العلم الحديث، والتجارب السابقة واللاحقة في المجتمعات المختلفة، حسبما تدين به تلك المجتمعات من العقائد الدينية والسياسية، ولا سيما المجتمعات التي تفرض عليها عقائدها رأيا خاصا في بناء الأسرة، وعلاقات الرجال والنساء.
فالنظر إليها من بعض جوانبها مقدمة لنظرات كثيرة في الواقع سيشغل بها أبناء مصر مختارين، أو غير مختارين بعد زمن قصير.
ومن هذه الجوانب التي تستحق النظر أو تستحق إعادة البحث فيها جانب الزواج بين الأقارب والأباعد، وما يقوله عنه المختصون بهذه الشئون من علماء الاجتماع، ومؤرخي طبائع الأجناس.
فالزواج بالأباعد - وهو ما يسميه خبراء هذه الشئون «إكسوجامي»
Exogamy - هو عادة أو شريعة من أقدم الشرائع في المجتمعات الفطرية، والمجتمعات التي أخذت بنصيب من الحضارة.
Page inconnue