Yaqutat Ghiyasa

Ibn Hanash d. 719 AH
90

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

قال الشيخ (رحمه الله): وقلنا إذا كان المدفوع به دون المدفوع ليحترز منه دفع الضرر لمثله، أو بأعظم منه، فإن هذا لا يجب بل يقبح؛ لأن دفع الضرر بالضرر على ثلاثة أضرب:

إما أن يدفعه بمثله، أو بدونه، أو بأكثر منه لا يجوز أن يدفعه بأعظم منه؛ لأنه يكون دفعا قبيحا مثل أن تكون في بعض أصابعه آفة، ثم يدفعه بقطع جميع أصابعه، أو بعضها، فهذا أقبح.

وإما أن يكون المدفوع به دون المدفوع، فهذا واجب مثل أن يكون مساويا له مثل أن يكون في بعض أصابعه آفة فيقطع أصبعا أخرى لتنجا تلك، فهذا أقبح أيضا.

وإما أن يكون المدفوع دون المدفوع، فهذا واجب مثل أن يكون في يده آفة إن لم يقطعها سرت إلى باقي جسده، ومثاله في مسألتنا هذه أن العقلاء يسارعون إلى الفصد والحجامة ليدفعوا بها مضارا هي أعظم منها، ولا شك أن ضرر العقاب أعظم من مشقة النظر فيجب على العاقل أن يتحمل مشقة النظر ليدفع بها ماهو أعظم منها، وهو ضرر العقاب.

وأما الأصل الثالث: وهو أن يستوي فيه المظنون من المعلوم، فذلك معلوم ضرورة، ولهذا فإنه لا فرق عند العقلاء [50ب] بين أن يخبرهم مخبر ظاهر العدالة بأن في الطعام سما، وبين أن شاهدوه، فإنه يجب عليهم إجتنابه في الحالتين جميعا، وإن كان الخبر يقتضي الظن، والمشاهدة تقتضي العلم، وكذلك فلا فرق عندهم بين أن يظن أن الضرر يندفع بالفصد والحجامة، وشرب الدواء الكريه، وبين أن يعلم ذلك، فإن اجتنابه يجب في الحالتين جميعا.

Page 91