252

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

فالذي صح أن يقدر ويعلم لابد أن يفارق من تعذر عليه ذلك، بمفارقة لولاها لما صح من أحدهما ما استحال على الآخر، وقد عبر أهل اللغة عن هذه المفارقة بأن سمو من صح أن يقدر ويعلم حيا دون الآخر، وتحقيق ذلك هاهنا، وأنها هنا معللة بأمر، وأن ذلك الأمر صفة راجعة إلى الجملة زائدة على الثلاثة، وهي كونه حيا، وإنما وجب ذلك؛ لأنه صح من أحد الذاتين ما تعذر على الآخر، فإذا ثبت ذلك في الغائب وجب أن يكون حيا، وهذه الدلالة مبنية على خمسة أصول كما تقدم: أن هاهنا مفارقة، وانها معللة بصفة، وأن تلك الصفة راجعة إلى الجملة، وهو كوه حي.

أما الأصل الأول: وهو أن هاهنا مفارقة فذلك معلوم ضرورة، فإن الواحد منا يفرق بين من صح أن يقدر ويعلم وبين من يستحيل عليه.

وأما أن تلك المفارقة معللة بأمر، فلآن طرق التعليل أربع: طريقة قاضي القضاة،وهو العرض على وجوه التعليل، وهي ست، وطريق أبي رشيد، وهي ثلاث، وطريق المتأخرين وهي الافتراق بعد الاشتراك، وطريق ابن الملاحمي، وهي التجدد والاضافة إلى ذات دون كما تقدم تحقيق ذلك، وكلها حاصلة هاهنا وموجبة للتعليل.

أما طريقة قاضي القضاة فعرضنا هذه عليها فقلت: المقتضي لأن صحة أن يقدر ويعلم مقتضا عن كونه حيا، وعلى طريقة أبي رشيد إذا لم يعلل بطل، وعلى طريقة ابن الملاحمي التجدد والاضافة إلى ذات دون ذات أخرى، وعلى طريقة المتأخرين الإفتراق بعد الإشتراك لأنهما قد اشتركا في كونهما ذاتين، وموجودين، وافترقا، فصح من حدهما أن يقدر ويعلم واستحال على الآخر.

وأما أن ذلك صفة زائدة على الذات وهي كونه حيا فهذا مذهب أبي هاشم، ومن قال بقوله، والخلاف في ذلك مع أبي الحسين وابن الملاحمي، فإنهما ذهبا إلى نفي الصفة الزائدة وقالا: المرجع بكونه حيا في الشاهد إلى الثلاثة المخصوصة من اللحمية والدمية، والرطوبة واليبوسة، وغير ذلك.

Page 256