215

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

وأما الموضع الثاني: وهو في الدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهبوا إليه فالذي يدل على ذلك أنه قد ثبت أن العالم لابد له من محدث بما قدمنا، فلا يخلو ذلك المحدث إنما أن يكون قديما أم لا والقديم لا يخلوا إما أن يكون هو الله تعالى أو غيره، والمحدث لا يخلو إما أن يكون متحيزا أم لا، وغير المتحيز لا يخلو إما أن يكون عرضا أم لا، وهو لا يخلو من أحد هذه الأقسام والأقسام كلها باطلة سوى أنه لا محدث لها سوى الله تعالى، وإما أنه لا يخلو من أحد هذه الأقسام؛ فلأنها حاضرة وإما أن الأقسام باطلة سوى ما ذكرنا، فلأنا نبطل قسما قسما، أما أنه لا يجوز أن يكون محدثها قديما غير الله تعالى فلأنه لا ثاني لله تعالى على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وإما أنه لا يجوز فلوجهين:

أحدهما: أنه لو صح من بعض الأجسام أن يفعل جسما لصح منا.

والثاني: أنه لا يصح منا.

أما الأصل الأول وهو أنه لو صح من بعض الأجسام لصح منا، فالذي يدل على ذلك انه بعض الأجسام لا تكون قادرة إلا بقدرة ومقدورات القدر مختصرة متحاسة، وإنما الحصر مقدوراتها وتحاس لكونها قدرا فكلما شاركها في كونها قدر وجب أن يشاركها الحصار المقدور ويحاسنه وهذه الدلالة مبنية على أربعة أصول:

أحدها: أن الجسم لا يقدر إلا بقدرة.

والثاني: أن القدر وإن اختلفت في مقدرواتها منحصرة متجانسة.

والثالث: أن العلة هي في إنحصار مقدورها وتجانس كونها قدر.

والرابع: أن كل ما يشاركها في كونها قدرا وجب أن يشاركها في انحصار المقدور، وتجانسه، فهذا عقد الدلالة، وسيأتي الدليل على كل واحد منهما في مسألة نفي التجسيم إن شاء الله تعالى، وبإتمامها تم الأصل الأول.

Page 219