202

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

وإن قالوا: إنا لم نوجد في الأزل لمانع، قلنا: فذلك المانع لا يخلو إما أن يكون قديما أو محدثا، إن كان قديما فكان يلزم أن لا يوجد العالم؛ لأن المانع حصل في جميع الأوقات؛ لأنه قديم والقديم لا يجوز عليه العدم والبطلان على ما تقدم، ولو سلمنا جواز العدم على المانع القديم فلابد من أمر لأجله عدم بعد الوجود فإما أن يكون مختارا فقد أقروا بالمختار، وإما ان يكون قديما موجبا لزم عدم المانع في الأزل فإن وقف في إيجابه لنفي المانع على شرط فذلك الشرط إما قديم أو محدث.

وتعود القسمة المتقدمة فإن كان الموجب لا ينفي المانع محدثا فلابد من أمر لأجله حدث وتسلسل كما تقدم، وإن كان المانع محدثا لزم وجوده في الأزل؛ لأن المانع إذا كان محدثا لم يكن له تأثير في الأزل، ولا يجوز أن يكون موجودا لعلة محدثة لوجهين:

أحدهما: أنه كان يلزم وجوده دفعة؛ لأن العلة تؤثر على سبيل الإيجاب.

الوجه الثاني: أن الكلام في هذه العلة المحدثة الكلام في العالم في أنه لابد لها من أمر لأجله حدث، وذلك الأمر إما [101أ] مختار أو موجب، والموجب موجود أو معدوم، والموجود قديم أو محدث فتعود القسم في العلة المحدثة وكذلك في عليها حتى يبتني الكلام إلى علة قديمة فيلزم قدم العالم أو تسلسل إلى ما لا نهاية له وهو محال فإذا بطلت هذه الأقسام لم يبق إلا الفاعل المختار وهو الذي أردناه.

الدليل الثاني: ماذكره الشيخ (رحمه الله) على أن المحدث لا بد له من محدث، قال الشيخ: الذي يدل على ذلك أن لنا أفعالا وتصرفات هي محدثة وهي محتاجة إلينا، وإنما احتاجت إلينا لأجل حدوثها فإذا شاركتها الأقسام في الحدوث وجب أن تشاركها في الإحتياج إلى محدث، وهذه الدلالة مبنية على خمسة أصول:

أحدها: أن لنا أفعالا وتصرفات.

والثاني: أنها محدثة.

والثالث: أنها محتاجة إلينا.

والرابع: إنما أحتاجت إلينا لأجل حدوثها.

Page 205