وحين علم صاحب الجيش باجتماعهم على مضغ «8» الأباطيل بينهم، دلف إليهم من نيسابور «1» في سراة الكماة لطردهم عن شريعة الطمع، وإزعاجهم عن حضانة الأمل.
ووصل السير بالسرى «2» حتى أشرف على سرخس في الهيئة المنشورة، والهيبة الموفورة.
وبرز المنتصر إلى ظاهرها، فخيم بإزائه، واستعد [101 ب] للقائه. وتجايشا للقتال، فاستك سمع الهواء من قرع الحديد بالحديد، ورويت صدور المواضي من موارد الوريد، وبلغ كل من الفريقين غاية الإمكان في منازلة الأقران «3»، ومناوشة الضراب والطعان، مجاحشة «4» عن خيوط الرقاب، وتفاديا عن سوء الذكر على تناسخ الأحقاب، غير أن قضاء الله أغلب، وأمره أنفذ، وله الحكم في تبديل الأبدال، وتصريف الأحوال، ونقل الأملاك «5» من وال إلى وال.
وهبت لصاحب الجيش أبي المظفر قبول الإقبال، فتمزق مصف المنتصر عن هزمى «6» عوابس الوجوه، وجرحى بأنياب المكروه. ولم ينشب صاحب الجيش أن أتاه بعض العرب بأبي القاسم علي بن محمد بن سيمجور «7» في قلادة من الوهق، على بقية من الرمق. وأردف بالتونتاش «8» الحاجب، وكان المنتصر يراه «9» جلدة ما بين العين والحاجب. وانضمت حبالة الأسر على معظم ذلك العسكر، فحملوا إلى غزنة في الأصفاد مقرنين.
وسار المنتصر سير المضطر لا يدري وزرا غير اعتساف المسالك، وارتكاب المهالك، على جملة لا يتميز فيها المملوك من المالك.
Page 187