وجفل عبد الملك بن نوح إلى بخارى، ومعه فائق في أتباعه. وانتبذ بكتوزون إلى نيسابور في أشياعه، وأبو القاسم بن سيمجور إلى قهستان وقد صاروا «4» حزق مزق، وعادوا شذر مذر «5». وأصبح سيف الدولة وقد أنجز الله له وعده، ونصر جنده وحده «6»، وأسعد الله على رغم الراغمين جده «1»، وأعلى يده، وأورى زنده، وساق إليه هدي «2» الملك على غير مهر سوى الشكر، ولا صداق سوى الاستحقاق، وورث دولة آل سامان، وملك ديار خراسان سنة تسع وثمانين وثلثمائة.
ورأى أن يعجل بكتوزون وأبا القاسم السيمجوري عن التجمع ثانيا، والتحدث بالالتقاء آنفا، فانحدر إلى طوس «3» في البحر الأخضر «4» [94 أ] من رجاله وأفياله. وطار بكتوزون بجناح الهرب إلى حدود جرجان، وقفى السلطان على أثره بأرسلان الجاذب «5»، فجعل يطرده طرد الشهب أشخاص العفاريت حتى نفاه من تخوم خراسان.
وولاه السلطان ناحية طوس «6»، ورتبه بها فيمن ضم إليه من قواده، وسار إلى هراة مطالعا لأعمالها، ومجددا للعهد بأحوالها. فلم ينشب بكتوزون حين سمع بانثناء عنانه إليها أن كر إلى نيسابور فملكها ثانيا يري أنه يناضل عن دولة قد حم حمامها، وانقضت أيامها، وناحت عليها أصداؤها وهامها «7»، فلم يزد على أن جشم السلطان كلفة الكر عليه قبل أن اطمأنت به قعدته «8»، أو جفت على طرفه لبدته، فجفل عن نيسابور على سمت أبيورد.
Page 174