Le Judaïsme dans la croyance et l'histoire
اليهودية في العقيدة والتاريخ
Genres
كان البدائي يتوسل إلى دفع الأرواح الشريرة بتلاوة الأدعية، وإقامة الصلوات، وحمل الخرز، وعد حبات السبح، وإناطة التمائم، وهي شيء تثوي فيه روح صديقة ذات بأس ونشاط، فإذا ما حمل المرء التميمة «حجبت» عنه أذى الأرواح الشريرة، وما «الحجاب» الذي ينوطه المرء عليه في وقتنا هذا إلا صورة متأخرة من التميمة. ولا تزال كثيرات من نساء أوروبا يلبسن المدليات والتمائم لاستدرار المعونة مما وراء الطبيعة ولاتقاء ما عسى أن يكون مخبوءا لهن في عالم الغيب. ولا يزال كثير من رجال الشرق يحملون السبح لأسباب هي في بعض الأحيان قريبة من ذلك.
وقد أضفت صناعة التمائم قدسية على الذين انفردوا بصنعها وهم الكهنة. واستغل الكهنة الدين لأغراضهم الخاصة، وعملوا على استدامة الخرافات بين شعوبهم لتظل قابعة في غيابة الجهل فيسهل عليهم خداعها وإخضاعها وابتزاز أموالها. وقد أيقظت الخرافات في الناس المطامع الحمقاء وأثارت فيهم النزعات الهوجاء وسيرت موكب البشرية أحقابا مديدة مسخرا في أشغال شاقة لا خير فيها ولا جدوى منها. ولو أن أولئك الناس بذلوا في سبيل البشر ما بذلوه في سبيل آلهتهم تلك لكنا الآن نتفيأ ظلال حضارة خير من حضارتنا وأرقى.
وما لبث الناس أن انتقلوا من تميمة الفرد خاصة إلى تميمة القبيلة عامة، وكانت بادئ بدء تتخذ من الروح الباسق والجلاميد الضخام؛ تلك هي الأوثان
idols
في أبسط أشكالها. وعندما اتخذ الناس الأوثان أربابا يتوسلون بها إلى ما فيه صلاحهم بدأ «الدين». وقد نجمت الأديان الأولى من الاتحاد بين العقيدة والمنسك.
ولما ارتقى القوم شيئا ما عمدوا إلى مسح أوثانهم هذه بالزيت
17
ثم خطوا خطوة أخرى فأصبحوا يخضبونها بالدم لتطيب الأرواح التي تسكنها بذلك نفسا فتظل حالة بها لا تريم، ثم تفتقت أذهانهم عن خطة جديدة فغدوا يقتلون الإنسان وينحرون الحيوان ويقربونهما لأوثانهم، وبذلك نشأ منسك التضحية،
18
وكان أهم المناسك الدينية طرا عند جميع الشعوب في تلك الأعصر السحيقة في القدم، وبه فسر أول حادث قتل في العالم إذ فتك هابيل بقايين (قابيل)؛ لأن يهوه تقبل قربان قايين، وكان من اللحم، وأشاح عن قربان هابيل وكان من النبات.
Page inconnue