Les Juifs dans l'histoire des civilisations anciennes
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
Genres
والله في سموه وجلاله وروحه هو خلاف يهوه الضاري الذي لم يكن بغيرته وغضبه وهزال انتقامه غير أخس صغير لمولك وكاموش.
ومحمد، حين قال بالنظام الكوني اليهودي، لم يقل في الحقيقة بغير نظام قدماء الكلدانيين الكوني، ووجدت مبادئ الساميين المبهمة جسدا في تلك المذاهب المادية المعينة التي لم يكونوا مخترعين لها، والتي لولاها لتعذر عليهم أن يكونوا ذوي هيمنة على روح الآريين الإيجابية التصويرية.
وهكذا يثبت ما يشاهد من الفرق بين ساميي الجنوب وساميي الشمال، أن ساميي الشمال ابتعدوا عن مثال عرقهم الأصلي لاتصالهم الطويل بأمم أرقى منهم كثيرا، وتثبت قصة التوراة، وتثبت بأحسن من ذلك آثار المعتقدات الكلدانية الواضحة، والنظام الكوني المقتبس من بابل، أن تلك الأمم التي أقام ساميو الشمال بينها هي الأمم السومرية والأكادية، أي الآدميون الذين استقروا منذ القديم بسهول الفرات الأدنى.
وبنو إسرائيل، بعد أن تركوا أولئك، أقاموا بوادي الأردن القليل الأهمية في الظاهر، وذلك في أحوال بالغ مؤرخوهم في روايتها.
ولم يجل بنو إسرائيل في البحر كما كان يجول جيرانهم الفنيقيون؛ وذلك لأنهم لم يكادوا يكونون سادة للساحل، وكان قد جاء من إقريطش، على ما يظن، شعب غير سامي يعرف بالفلسطينيين فملك الساحل واستوطنه بنشاط، واليهود لم يملكوا من الساحل لطويل زمن سوى القسم الممتد من يافا إلى رأس الكرمل، وهناك يقع سهل شارون العجيب الذي تمتد مروجه وحصائده إلى البحر، غير أن الشاطئ نفسه رملي قليل الإصلاح لإنشاء مرفأ فيه.
ولم تكن مجاورة البحر هي التي جعلت امتلاك فلسطين أمرا نافعا، ولا خصب فلسطين وحده هو الذي كان عظيما عندما كانت ذات غاب لم تقطع تماما كما في أيامنا، وإنما كانت فلسطين إحدى طرق العالم القديم الرئيسة كبابل، ولكن على درجة أقل من درجة بابل، فكان يتألف من أوديتها الضيقة الطريق البرية الوحيدة بين مركزي حضارة العالم الكبيرين، بين العراق ومصر، فيتصل أحد هذين المركزين بالآخر بتلك الطريق، فيتبادلان بها محصولاتهما أيام السلم، ويسوقان بها جيوشهما أيام الحرب.
وكانت «مجدو» مفتاح تلك الأودية في الجنوب، وكانت «قادش» مفتاحها في الشمال، وأعارت تانك المدينتان من اسميهما كثيرا من المعارك المشهورة الدامية.
ولم يكن ذلك الوضع المتوسط غير ذي تهلكة، فأمة إسرائيل الصغيرة إذ قامت بين نينوى المرهوبة ومصر القوية، وكانت تستند إلى إحداهما لمقاومة الأخرى، كانت تشترك في الصراع في الغالب فتسحق فيه نهائيا.
ولكن القوافل المثقلة بالنسائج والحلي والتبر والعاج المشذب كانت تجوب فلسطين بلا انقطاع في فواصل الحروب، فلا يدع الإسرائيلي، الماهر في التجارة في كل زمن والطامع في الربح، تلك الثروات تجاوز أرضه من غير أن يحتفظ بشيء منها لنفسه.
وحق المجاورة هو مصدر الرخاء الرئيس الذي كان ينمو في الغالب وبسرعة في اليهودية، وكان منبع الزرابي الجميلة والنسج الثمينة والثياب الزاهية والحلي اللامعة والمرصوفة الحجارة، التي كانت تستهوي أبناء يعقوب على الدوام، فيرفع الأنبياء عقيرتهم ضدها، هو ذلك الوضع المتوسط وأولئك السماسرة اليهود الذين غدوا مدينين لموقع البلد الذي سكنوه.
Page inconnue