Les Juifs dans l'histoire des civilisations anciennes
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
Genres
وكذلك كان بنو إسرائيل عاطلين، حتى في إبان أبهتهم، عطلا تاما من العمال المهرة في الحرف الغليظة كالنجارة مثلا.
قال سليمان لملك صور حيرام: «والآن فمر بأن يقطع لي أرز من لبنان، وعبيدي يكونون مع عبيدك، وأجرة عبيدك أؤديها إليك بحسب جميع ما ترسم؛ لأنك تعلم أن ليس فينا من يعرف بقطع الخشب مثل الصيدونيين، والآن أرسل إلي رجلا حاذقا بعمل الذهب والفضة والنحاس والحديد والأرجوان والقرمز والسمنجوني.»
وكان سليمان يعطي حيرام في كل عام عشرين ألف كر من الحنطة، وعشرين ألف كر من زيت الرض، فيدل هذا بما فيه الكفاية على أي شيء كانت تقوم ثروة بني إسرائيل.
ومن فنيقية أيضا أتى عامل ماهرا جدا، فجاء في التوراة أنه: «صانع نحاس، وكان ممتلئا حكما وفهما ومعرفة في كل صنعة من النحاس»، ورقب هذا العامل صهر ما زين به الهيكل من الأعمدة والآنية النحاسية ووضعها.
وإذا لم تخرج الصناعة في بلاد اليهودية عن أدنى الأطوار البدائية، أمكننا أن نبصر من ذلك حال الفنون في تلك البلاد، أو عدم وجود هذه الفنون فيها على الأصح؛ لما كان من عدم وجود أي شيء يتجلى فيه ذلك هنالك.
ولا تجد شعبا عطل من الذوق الفني كما عطل اليهود.
والشريعة التي حرمت على اليهود منحوت الصور لم تحرم العالم آثارا نفيسة بذلك، وما وقع من مخالفة اليهود للوصية الثانية غير مرة لم يؤد إلى غير العجول النحاسية أو الذهبية، التي هي أصنام اليهود المفضلة المصبوبة صبا رديئا على أوتاد غليظة عدت رموزا للرجولة، والمنصوبة تحت غياض عشتروت، تلك الأصنام القومية، أو الترافيم، التي هي ضرب من اللعب المثيرة للسخرية، والتي أضجعت إحداها على فراش داود مستورة الرأس بعناية زوجته لتعطى، بطريق العوض، جنود شاول المرسلين ليقتلوه.
إذن، لا ينبغي لنا أن نحدث عن وجود شيء من فن النحت أو التصوير لدى بني إسرائيل، وقل مثل هذا عن فن البناء، فانظر إلى هيكلهم المشهور «هيكل سليمان» الذي نشر حوله كثير من الأبحاث المملة، تجده بناء أقيم على الطراز الآشوري المصري من قبل بنائين من الأجانب كما تدل عليه التوراة.
ولم تكن قصور ذلك الملك غير نسخ دنيئة عن القصور المصرية أو الآشورية، ولا تعتقد أن ذلك الملك أقام في مدينة تدمر التي أسسها تلك الأعمدة الفخمة التي قاومت عمل القرون، فلا تزال تثير العجب، فتلك الأعمدة قد وضعت بعد ذلك بزمن، وكان نبوخذ نصر قد دك جميع تدمر سليمان، فلم يبق فيها حجر واحد.
ولم يمارس العبريون من الفنون الجميلة سوى الموسيقى التي هي فن جميع الشعوب الابتدائية، وكانوا شديدي الحب لها، فيمزجون بها ملاذهم وتمريناتهم العسكرية وأعيادهم الدينية، ومما لا مراء فيه أنها قليلة التعقيد شبيهة بألحان النواح لدى العرب المعاصرين، ونعد من آلات الطرب المعروفة عندهم: المعزف والطنبور والصنج والمزمار والبوق والطبل.
Page inconnue