ووجدت في عهد لسابور بن أردشير فصلا يخاطب فيه ابنه، يقول: وزيرك يكون مقبول القول عندك، قوى المنزلة لديك، يمنعه مكانه منك، وما يثق به من لطافة منزلته عندك من الخنوع لأحد، أو الضراعة إلى أحد، أو المداهنة لأحد في شيء مما تحت يديه، لتبعثه الثقة بك على محض النصيحة لك، والمنابذة لمن أراد غشك، وانتقاصك حقك، وإن أورد عليك رأيا يخالفك، ولا يوافق الصواب عندك، فلا تجبه جبة الظنين، ولا ترده عليه بالتجهم، فيفت في عضده ذلك، ويقبضه عن ابثاثك كل رأى يلوح صوابه، بل اقبل ما رضيت من رأيه، وعرفه ما تخوفت من ضرر الرأي الذي انصرفت عنه، لينتفعوا بأدبك فيما يستقبلون النظر فيه. واحذر كل الحذر من أن تنزل بهذه المنزلة سواه، ممن يطيف بك من خاصتك وخدمك، وأن تسهل منهم السبيل إلى الانبساط بالنطق عندك، والإفاضة في أمور رعيتك ومملكتك، فانه لا يوثق بصحة آرائهم، ولا يؤمن الانتشار فيما أفضى من السر إليهم.
ومن هذا العهد فصل، قال فيه:
وأعلم أن قوام أمرك بدرور الخراج، ودروره بعمارة البلاد، وبلوغ الغاية في ذلك يكون
Page 5