[25]
الملك على بناء مسجد الرملة أراد أن ينقل عمد كنيسة جورجيس إليه، فاستمهله البطرك، وكتب إلى بلاد الروم، فورد الجواب عليه: أن دله على مغارة بالقرب من الداروم، فإن فيها باقي العمد التي بنيت منها الكنيسة، فدله. فاستخرج سليمان العمد، فبنى بها المسجد، وبقيت كنيسة جورجيس.
وكان يكتب على النفقات وبيوت الأموال والخزائن والرقيق عبد الله ابن عمرو بن الحارث.
ولما تولى سليمان الخلافة صرف يزيد بن أبي مسلم، كاتب الحجاج، عن العراق، حربه وخراجه، في سنة ست وتسعين، وقلد الحرب يزيد ابن المهلب، وكان قلده الحرب والصلاة والخراج، فكره يزيد تقلد الخراج، لإخراب الحجاج العراق، وخاف إن عسف أهله بالمطالبة أن يذموه، وإن قصر في العسف أن ينقص ما يستخرجه عما استخرجه الحجاج. فاستعفى يزيد بن المهلب سليمان من الخراج، وأشار عليه بصالح ابن عبد الرحمن الكاتب، ففعل سليمان ذلك.
ثم قلد سليمان يزيد خراسان مضافة إلى العراق في سنة ثمان وتسعين، فعمد لجرجان، وكانت منيعة، وكان كل من يتقلد خراسان يتحاماها، وألح عليها، ففتحها.
وكان يكتب ليزيد بن المهلب، المغيرة بن أبي قرة، مولى سدوس فكتب يزيد يخبره بفتح جرجان، ويعظم عنده الأمر وموقع النعمة في ذلك، ويعرفه إنه قد حصل في يده من المال، مما أفاء الله على المسلمين، بعد أن صار إلى كل ذي حق حقه، من الفيء ومن الغنيمة، ستة آلاف ألف درهم، فقال له المغيرة كاتبه: لا تكتب بتسمية مال، ودعه مجملا، ولعل أمير المؤمنين إذا لم يعرف مبلغه أن يسمح به لك، وإذا عرفه استكبره وأمر بحمله، وإن أمسك عنك فيه بقي ذكر المال مخلدا في الديوان، وإن ولى وال بعدك أخذك به، وإن كان ممن يتحامل عليك لم يرض منك بأضعافه. فأبى يزيد قبول ذلك، وأمضى الكتاب به، فورد على سليمان في أول سنة تسع وتسعين، وتوفي في صفر منها قبل أن يأمر في المال بشيء.
Page 39