[23]
يوما إذ أتى مصعب بعقد جوهر، قد أصيب في بعض بلاد العجم لبعض ملوكهم، لا يدري ما قيمته، فجعل مصعب يقلبه ويعجب منه، ثم قال لابن أبي فروة يا عبد الله، أيسرك أن أهبه لك؟ قال: نعم والله أيها الأمير، إن ذلك ليسرني. فدفعه إليه، فرآه قد سر به سرورا شديدا، فقال مصعب: والله لأنا بالحلة يوم كسوتنيها أشد سرورا منك بهذا الآن. وكان العقد سبب غنى ابن أبي فروة وغنى عقبه.
وذكر مصعب الزبيري إنه وجد عامل خراسان كنزا، وفيه نخلة كانت لكسرى، مصنوعة من الذهب، عثاكيلها من لؤلؤ وجوهر، وياقوت أحمر وأخضر، فحملها إلى مصعب بن الزبير. فجمع المقومين لها لما وردت عليه، فقوموها بألفي ألف دينار. فقال: إلى من أدفعها؟ فقيل: إلى نسائك وأهلك، فقال: لا، بل إلى رجل قدم عندنا يدا، وأولانا جميلا، ادعوا عبد الله بن أبي فروة، فدفعها إليه، فلما قتل مصعب كاتب ابن أبي فروة عبد الملك، وبذل له مالا، فسلم منه بماله، وكان أيسر أهل المدينة. واسم أبي فروة كيسان، مولى الحارث الحفار، مولى عثمان بن عفان.
وكان محمد بن عبد الله بن أبي فروة نبيلا ظريفا، فذكر مصعب الزبيري: إنه كتب إلى جارية له كان لها من قبله موضع ، وكان مقيما في بستان:
إن لي عند نفحة بستا ... ن من الورد أو من الياسمينا
نظرة والتفاتة لك أرجو ... أن تكوني حللت فيما يلينا
وقد روى لعبد الله أبيات شعر، وهي:
ولما أتينا منزلا طله الندى ... أنيقا وبستانا من النور حاليا
Page 36