Les Ministres et les Livres
الوزراء والكتاب
[61]
فورد على الوكيل وقد باع الضيعة، ففسخ البيع، وابتاع الضيعة المجاورة، وكتب إلى عمارة يذكر الأمر، وأنه قد صارت لك ضيعة نفيسة. فلما قرأ عمارة الكتاب أكثر التعجب، ولم يعرف السبب، وسأل عمن حضر عند ورود كتاب الوكيل، فقيل له: ابن المقفع، فعلم إنه من فعله، فلما صار إليه بعد أيام وتحدثا، قال عمارة: بعثت بتلك الثلاثين ألف درهم إلى الوكيل، وكنا إليها ها هنا أحوج، قال: فإن عندنا فضلا، وبعث إليه بثلاثين ألفا أخرى.
وحكي أن سفيان لما أمر بتقطيع ابن المقفع وطرحه في التنور، قال له: والله إنك لتقتلني، فتقتل بقتلى ألف نفس، ولو قتل مئة مثلك ما وفوا بواحد، ثم قال:
إذا ما مات مثلي مات شخص ... يموت بموته خلق كثير
وأنت تموت وحدك ليس يدري ... بموتك لا الصغير ولا الكبير
وكان غسان بن عبد الحميد، كاتب سليمان بن علي، يقول لخادمه: إذا قلت لك خوض لنا سويقا فخثره، فإن الرجل لا يستحيي أن يزداد ماء يرققه به، ويستحيي أن يزداد سويقا يخثره به.
ولما أقبل أبو مسلم من الدسكرة يريد المدائن، وعمل أبو جعفر على قتله، دعا أبا أيوب المورياني، فقال له: يا سليمان، شاور سلم بن قتيبة في أمره، فشاور، فقال سلم: أرى أن يتجاوز له ويصفح عن ذنبه. فأخبر أبو أيوب أبا جعفر بذلك، فقال له أبو جعفر: عاوده وأعلمه أني أمرتك أن تشاوره، فعاوده فأعلمه ذلك، فقال له سلم: قل له: لا يصلح سيفان في غمد، ثم تلا: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}.
وكان فيما خاطب به أبو مسلم أبا جعفر في كتاب كتبه إليه قبل أن يجمع الرجوع: إنا كنا نروي عن ملوك آل ساسان: أن أخوف ما يكون الوزراء ما سكنت الدهماء، فأنا نافر من قربك، حريص على الوفاء بعهدك، حرى بالسمع والطاعة لك، غير أنها من بعيد، حيث تقارنها السلامة. في كلام طويل.
Page 110