بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَهُوَ الْمُوفق وَالْهَادِي عَلَيْهِ توكلت الْحَمد لله الدَّائِم بَقَاؤُهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه لَا الله الجزيل عطاؤه، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله الصادقة أنباؤه، ﷺ وزاده فضلا شرفا لَدَيْهِ. أما بعد؛ فَهَذِهِ أَحَادِيث مَوْقُوفَة ومقطوعة تتبعتها من صَحِيح مُسلم، وَقد وَقع أَكْثَرهَا فِي ضمن أَحَادِيث مَرْفُوعَة وَهِي فِي الْكتاب الْمَذْكُور كَثِيرَة، لكني لم أتعرض مِنْهَا إِلَى مَا يتقوم الحَدِيث الْمَرْفُوع بِهِ أَو يتقوم بِالْحَدِيثِ. مثل قَول الزُّهْرِيّ: " ثمَّ كَانَ الْأَمر على ذَلِك فِي خلَافَة أبي بكر وصدرا من خلَافَة عمر ". وَمثل قَول عبد الله بن مَسْعُود: " حَتَّى هَمَمْت بِأَمْر سوء قلت: وَمَا هَمَمْت بِهِ؟ . قَالَ: هَمَمْت أَن أَجْلِس وأدعه ". وَمثل قَول عَوْف بن مَالك " فَلَقَد رَأَيْت بعض أُولَئِكَ النَّفر يسْقط سَوط أحدهم فَلَا يسْأَل أحدا يناوله ".

1 / 25

وَمثل قَول أنس بعد قَوْله: ﷺ: ... ... ... . وَالله - وَمثل قَول أبي هُرَيْرَة: " مَا لي أَرَاكُم عَنْهَا معرضين ". وَمثل قَول ابْن عمر لما أعتق فَأخذ من الأَرْض عودا فَقَالَ: " مَا فِيهِ من الْأجر يُسَاوِي هَذَا ". وَمثل قَول ابْن وَعلة لِابْنِ عَبَّاس: إِنَّا نَكُون بالمغرب ومعنا البربر وَالْمَجُوس يُؤْتى بالكبش قد ذبحوه وَنحن لَا نَأْكُل ذَبَائِحهم؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: سَأَلنَا عَنهُ رَسُول الله ﷺ ... . الحَدِيث وَلَو جَاءَ مثلا بِلَفْظ: سَأَلنَا رَسُول الله ﷺ عَن التيس يُؤْتى بِهِ قد ذبحه الْمَجُوسِيّ، فأبرز الضَّمِير لأوردته. وَمثل قَول مطرف: صليت أَنا وَعمْرَان بن حُصَيْن خلف عَليّ بن أبي طَالب فَكَانَ إِذا سجد كبر. . الحَدِيث. فَقَالَ عمرَان: صلى بِنَا صَلَاة رَسُول الله ﷺ.

1 / 26

فَلَو كَانَ جَاءَ فِيهِ: قَالَ عمرَان: صلى بِنَا رَسُول الله ﷺ فَكَانَ إِذا سجد كبر لأوردته. وَكَذَا مثل قَول مُوسَى بن سَلمَة: سَأَلت ابْن عَبَّاس: كَيفَ أُصَلِّي بِمَكَّة إِذا كنت مَعَ الإِمَام؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ س، سنة أبي الْقَاسِم. وَذكرت مَا يسْتَقلّ بِنَفسِهِ وَلَو كَانَ لَهُ تعلق بِالْحَدِيثِ كَمَا فِي المثالين الماضيين. وَمثل قَول أبي بن كَعْب فِي لَيْلَة الْقدر. وَمثل قَول الْقَاسِم كَانَت عَائِشَة إِذا عملت الْعَمَل لَزِمته. وَمثل إِنْكَار كَعْب بن عجْرَة على من خطب قَاعِدا. وَمثل عمَارَة بن رؤيبة على من رفع صَوته فِي الْخطْبَة. وَكَانَ الْحَامِل على جمع هَذِه الْأَحَادِيث أَنه يَقع فِي بعض مجَالِس الحَدِيث قَول أبي عَمْرو بن الصّلاح فِي " عُلُوم الحَدِيث " أَنه لَيْسَ فِي صَحِيح مُسلم بعد الْخطْبَة والمقدمة إِلَّا الحَدِيث الْمَرْفُوع الصّرْف غير ممزوج بالموقوفات. واستدرك من تَأَخّر عَن عصر ابْن الصّلاح عَلَيْهِ أَنه وَقع فِي مُسلم شَيْء من الْمَوْقُوفَات على بعض التَّابِعين، وَهُوَ: قَول يحيى بن أبي كثير: " لَا يُسْتَطَاع الْعلم براحة الْجَسَد ".

1 / 27

وَظن بعض من شَاهَدْنَاهُ أَنه لَيْسَ فِي مُسلم غير هَذَا الْموضع فتتبعت ذَلِك من الصَّحِيح، وَوَقع لي فِيهِ مثل أثر يحيى بن أبي كثير كَقَوْل عُرْوَة: " لَا تقل كسفت الشَّمْس ... " إِلَى غير ذَلِك، وَهَذَا حِين الشُّرُوع فِيمَا قصدت إِلَيْهِ أعَان الله عَلَيْهِ.

1 / 28

كتاب الْإِيمَان (١) حَدِيث مَوْقُوف: حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب ثَنَا وَكِيع عَن كهمس عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن يحيى بن يعمرح. وَحدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري ثَنَا كهمس عَن ابْن بُرَيْدَة عَن يحيى بن يعمر قَالَ: كَانَ أول من قَالَ بِالْقدرِ فِي " الْبَصْرَة " معبد الْجُهَنِيّ، فَانْطَلَقت أَنا وَحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي حاجين ومعتمرين فَقلت: لَو لَقينَا أحدا من أَصْحَاب النَّبِي ﷺ سألناه عَمَّا يَقُول هَؤُلَاءِ فِي الْقدر. فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الْخطاب دَاخِلا الْمَسْجِد فاكتنفته أَنا وصاحبي أَحَدنَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله فَظَنَنْت أَن صَاحِبي سيكل الْكَلَام إِلَيّ فَقلت: أَبَا عبد الرَّحْمَن قد ظهر قبلنَا نَاس يقرأون الْقُرْآن ويتقفرون الْعلم - وَذكر من شَأْنهمْ أَنهم يَزْعمُونَ أَنه لَا قدر وَأَن الْأَمر أنف. فَقَالَ: إِذا لقِيت أُولَئِكَ فَأخْبرهُم أَنِّي بَرِيء مِنْهُم وانهم برَاء مني، وَالَّذِي

1 / 29