Existentialisme religieux : une étude sur la philosophie de Paul Tillich
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Genres
فهو يوجد قبل أن نستطيع تعريفه بأية فكرة، «والمقصود بذلك أن الإنسان يوجد قبل كل شيء، وأنه يلقى ذاته، ويبرز إلى العالم، ثم يعرف بعد ذلك.»
21
فطبعا لا يمكن تحديد ماهية الوليد وقيمه وأهدافه ومثله والتزاماته ... أو على الإجمال علاقته بالعالم: «علاقتنا بالعالم ليست مقررة من قبل، نحن الذين نقرر.»
22
ألم نتفق على أن الذات معطاة كحقل من الممكنات؛ الإنسان مشروع وجود، ثم يقرر بنفسه ما الذي سيكونه، وفي النهاية لا يكون إلا بحسب ما ينتوي ويختار؛ ذاته ليست إلا مجموع قراراته وأفعاله، هذه هي حياته نفسها؛ وبالتالي لا مجال لتعليق الفشل على ظروف خارجية عن إرادته. إذن فالإنسان - لا عوامل البيئة والوراثة - هو الذي يصنع ذاته، و«أن يوجد الإنسان هو أن يختار بنفسه.»
23
في عملية مستمرة لا تنتهي أبدا، اللهم إلا بالموت. الإنسان وجود في الحاضر، فضلا عن مسئولية في مواجهة مستقبل مفتوح مليء بالممكنات، لتظل الأنا-الماهية هي مقبل أفعالها؛ إنها اختيار يجب ابتكاره مجددا ودائما.
لهذا كان الإنسان مسئولا عن ماهيته. إنها المسئولية التي سوف تتعدى ذاتيته إلى الإنسانية جمعاء، والتي لا يمكن الفرار منها لأن الإنسان حر. ولما كانت المسئولية الوجودية رهيبة إلى هذا الحد، حتى إنها تجعل فعل الاختيار والقرار مؤلما، فلا بد أن يلازمها قلق؛ من هنا كان الشعور بالقلق أساسيا في الوجودية.
ولكي يتحمل الإنسان هذه المسئولية تماما، تضعه الوجودية أمام كينونته؛ أي أمام كونه موجودا، وفي هذا استفادت كثيرا من الفينومينولوجيا (مذهب الظاهريات)، مذهب إدموند هوسرل
E. Hussrel (1891-1938م) الذي رام أن تصبح الفلسفة علما دقيقا، فدعاها لأن تقتصر على الوصف التفصيلي للظاهرة كما تعطى للوعي، شريطة أن يتخلص الذهن من الافتراضات والانحيازات المسبقة. ووضع هوسرل منهاجا دقيقا ومعقدا لهذا، يتلخص في ثلاث خطوات: تقويس الظاهرة؛ أي وضعها بين قوسين ليكون أمامنا كل الظاهرة ولا شيء سواها (التجريد-التطبيق) وقد أقام هوسرل بناءه على فكرة مجدية حقا للوجودية ألا وهي «القصدية» «البنية الجوهرية لكل وعي»
Page inconnue