Existentialisme religieux : une étude sur la philosophie de Paul Tillich
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Genres
فعلى خلاف نهج الفلاسفة في القول بحرية الإنسان، لا يحاول الوجوديون وضع أية براهين تثبتها أو دحض أدلة تنفيها؛ فهذا نقض للوجودية التي تعني المطابقة بين كون الإنسان موجودا وكونه حرا. فكما يقول سارتر: «الحرية ليست وجودا ما، إنها وجود الإنسان.» ويستأنف موضحا: «إنني محكوم علي أن أكون حرا. وهذا يعني أنه لا يمكن أن يوجد لحريتي حدود أخرى غير ذاتها، أو إذا شئنا فنحن لسنا أحرارا في الكف عن أن نكون أحرارا.»
13
ولو كانت كل وقائع حياة إنسان ما تشهد بأنه ليس حرا، كأن يخضع لمشيئة غير مشيئته، أو حتى للعقل الجمعي في قرار ما، لقال الوجوديون إنه بفعل من أفعال الحرية اختار التنازل عن الحرية، وبالتالي عن الوجود الأصيل وقنع بالوجود الزائف؛ اختار أن يكون مشتتا ممزقا بلا إرادة - باصطلاح سارتر: سيئ النية، وسوء النية يعني أن الموجود الإنساني «يمكن أن يتخذ مواقف سلبية بإزاء نفسه»؛
14
فتقول رفيقة عمره وفكره سيمون دي بوفوار: «إن الإنسان لا يستطيع أبدا أن يتنازل عن حريته، وحين يزعم أنه يتخلى عنها، فإنه لا يفعل شيئا إلا أن يحجبها عن نفسه، وهو يحجبها بحرية؛ إن العبد الذي يطيع يختار أن يطيع، واختياره لا بد أن يتجدد في كل لحظة. إن الإنسان يخلص لأنه يريد ذلك بكل إرادته، وهو يريد ذلك لأنه يأمل بهذه الطريقة أن يستعيد كينونته.»
15
وبالطبع لا شيء مطلق؛ فثمة ما أسماه الوجوديون «بالمواقف الحدية» التي تمثل حدا لحرية الإنسان، فلا يستطيع أن يفلت منها، كالموت والقلق ... وأيضا الجنس واللون والطبقة ... فضلا عن قسوة المواقف الحدية الشاذة، كالعاهات وحالات المعوقين والأمراض المزمنة على أنها - جميعا وغيرها - تمثل حدود الموقف الذي تمارس الحرية داخله، ولا تنفيها. حرية الفرد غير قابلة للنفي، طالما لا شيء ينفي كونه موجودا.
إن الوجودية أصلا وفروعا فلسفة الموقف؛ لأن الموقف هو الحياة، والحياة هي الوجود في موقف، «والموقف هو ما يجعل الإنسان (الوجود-لذاته) لا يشابه بحال الشيء (الوجود-في ذاته).»
16
فكان المسرح الوجودي مثلا مسرح موقف لا مسرح دراما وأحداث ...
Page inconnue