فقال نفيل: ألم يحمل إليك رسالتي؟
فقال سيف: لم أره إلا في أغلاله بين يدي حناطة.
فقال نفيل في حزن: أهذا هو الحديث الذي أردته؟ هذا أنا تراني أهيم على وجهي، لا أجد مخلصا إلا في هذه الخمر التي تمكن الشيطان مني، وهذه المعرات التي ألطخ بها شيبي.
فقال سيف: ألك في خطة أخرى؟
فقال نفيل: هيهات!
فقال سيف: بل تهب نفسك للحياة يا أبا حبيب. هب ما بقي لك من حياتك لغاية أسمى مقصدا وأكرم موردا. هبها لما هو أكبر من كرامة نفسك ومن حرية شخصك. هب نفسك للجهاد من أجل بلادك.
فقال في حزن: هيهات يا ولدي. إنها آثام أكبر من التوبة وأعمق من المغفرة.
فقال سيف: ليس من الآثام ما هو أكبر من التوبة والمغفرة. انظر إلى أعماق نفسك تجد علة الشقاء. إنك تنتظر الجزاء دائما، فاحمل نفسك مرة على العطاء بغير أن تتوقع الثواب. تحمل المشقة بغير أن تتمنى الجزاء. هناك سعادة أكبر من الجزاء ومن الثواب، وهي سعادة من يعرف أنه يجاهد ويشقى في سبيل غاية نبيلة. أتعرف أين أبي؟
فأجاب: أظنه عند كسرى. أظنه هناك ما يزال يأمل أن يعود يوما. إنه هناك يعرف أن أبرهة هلك وأن يكسوم يوشك أن يهلك.
فصاح سيف: أحقا؟
Page inconnue