فقال الرجل في صوت خافت: لا تعتب على بصري يا أبا حبيب، فما حسبت أن ألقاك هنا، ما حسبت أن ألقى هنا أحدا يعرفني.
وأخذه نفيل فابتعد به إلى ناحية بين عمودين متقاربين من أعمدة البهو الأنيق، وقال وهو ينظر حوله: طال عهدك بالناس منذ فارقتهم يا أبا الهيثم.
فقال الشيخ: لم تطأ قدماي صنعاء منذ فارقتها.
وسكت حينا ثم أضاف: كنت أظن أبا عاصم هنا.
فقال نفيل: الشيخ صفوان بن قيس ؟
وقلب بصره الحديد في الجمع لحظة ثم قال: لا أظنه هنا.
فقال أبو الهيثم: كأنني أرى الناس من خلال ضبابة، وجوه لا أميز منها أحدا. هكذا نجتمع مرة أخرى يا نفيل.
وكان بعض الوافدين قد جاء فوقف قريبا منهما.
فقال نفيل: تعال يا أبا الهيثم إلى هناك، تعال يا ذا نفر.
وأخذ الشيخ من ذراعه إلى ركن أبعد من الزحمة، وأضاف قائلا: أعرف أنك ما تزال تذكر أيامك الأولى، ولا آمن أن يسمعك أحد هؤلاء.
Page inconnue