18

Avec les gens

مع الناس

Maison d'édition

دار المنارة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الثامنة

Année de publication

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Lieu d'édition

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

يسرقون مالهم، ولا يمالئون عدوهم، ولا يضيعون مصالحهم، فلم يَنْفِسوا عليهم زعامتهم ولا ضيقوا عليهم مكانتهم؟ * * * فقلت للشيخ: منذ كم فارقتَ دمشق يا سيدي؟ فتنهد وقال: منذ سنة ١٨٩٧، فارقتها شابًا ولم أدخلها بعد ذلك أبدًا. فرحمت الشيخ أن أفجعه في أحلى ذكرياته وأن أطمس في نفسه أجمل صور حياته، فتلطفت فودعته ولم أقل له شيئًا. وماذا أقول؟ أأقول له: إن أهل الشام قد انصرفوا عن صدر الباز والميزان والصوفانية والشاذروان وأهملوها حتى صارت مزابل لأنهم آثروا عليها العباسية والهافانا وشهرزاد ونادي الصفا؟ وأنهم هجروا منازلهم التي كانت جنّات ليسكنوا -كالإفرنج- في طبقات كأنها سجون أو مغارات، وأن أبناء العلماء الأتقياء، صاروا من الفسّاق الجُهلاء، وأن مدارس العلم هُدمت أو سُرقت، وأن غرفها احتُلّت لتكون مساكن أو قهوات أو مخادع شهوات، وأن طلبة العلم الديني يطلبونه للمناصب والمراتب والأموال والرواتب، وأن الأسر انصدع شملها وتفرق جمعها، وأن النساء ملأن اليوم الطرقات وأممن المخازن والسينمات وعاشرن الشبّان في المدارس والملهيات، وأن البنات كسدن في البيوت لمّا آثر الشباب اللهو على الزواج والسِّفاح على النكاح، وأن الأحياء غلب

1 / 21